حظر الحجاب يترتب عليه من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله

18-3-2010 | إسلام ويب

السؤال:
قبل أيام قليلة قال رئيس تركيا أردوغان: إن حظر ارتداء الحجاب أسوأ من هدم الكعبة، فما مدى صحة هذه المقولة، وأيضا قبل أيام شاهد الجميع ما قامت به الفتاة المسلمة في فرنسا عندما حلقت شعرها كله ولم تبق شيئاُ منه لأن مدرستها منعتها من ارتداء الحجاب، فهل فعل هذه الفتاة صحيح، وإذا لم يكن صحيحا فما الواجب على الفتيات المسلمات فعله عند تعرضهم لمثل هذه الضغوطات.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن تضييع شريعة الحجاب، فضلا عن حظرها ومنعها قهرا، يترتب عليه من المفاسد والمخاطر الخاصة والعامة ما لا يعلم مداه إلا الله تعالى، وقد شدد الشرع وكرر في بيان خطر الفتنة بالنساء، فهي أول ما بدأ به من الشهوات في قوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ {آل عمران: 14}

 قال ابن كثير: بدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد اهـ. وقال أبو حيان: بدأ بالنساء لأنهنّ حبائل الشيطان وأقرب وأكثر امتزاجاً، ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكنّ. اهـ.

 وقد سبق لنا بيان التحذير النبوي البليغ من فتنة النساء في الفتوى رقم: 35047.

وقد يكون هذا هو مأخذ من قال هذا القول المسئول عنه، ومما قد يؤيد ذلك ما رواه ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

 ولا يخفى أن مفسدة شيوع الفاحشة وتفسخ المجتمع وارتكاب المحارم وتعدي حدود الله، بسبب التبرج والفتنة بالنساء ـ أنها أعظم من مفسدة التعدي على مال المؤمن. وعلى أية حال، فمثل هذه الكلمة التي تحتمل الصواب ليست بموضع إنكار، وقد روى الحافظ ابن أبي الدنيا في (مداراة الناس) عن عمر بن الخطاب قال: لا تظن بكلمة خرجت من في مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا.

وأما بالنسبة لحلق الفتاة المسلمة لشعرها احتجاجا على منعها من دخول مدرستها، فلا ريب في خطئه ومخالفته لمقتضى الشرع والعقل، أما الشرع فقد روى الترمذي والنسائي عن علي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون على المرأة حلقا ويرون أن عليها التقصير اهـ. يعني في الحج والعمرة. وقد نص الحنفية والمالكية على حرمة حلق المرأة لشعرها، وأنه مثلة. وذهب الشافعية والحنابلة إلى الكراهة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14346.

وأما العقل، فلكون الخطأ لا يعالج بالخطأ، وهذا الفعل على خطئه لا يفيد لا في دين ولا في دنيا، فإنه من المعلوم أن مثل هذه الأفعال لا يترتب عليها تغيير للواقع، وغاية ما هنالك هو تناقل وسائل الإعلام للخبر وإثارة القضية. وهذا إذا سلمنا بنفعه فله وسائل أخرى.

والواجب على الفتيات وغيرهن من المسلمين في مثل هذه الأحوال أن يبحثوا عن سبيل شرعي لتغيير هذا المنكر، وأن يبذلوا في ذلك طاقتهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإن لم يقدروا على التغيير فالأصل أن تحافظ الفتاة على حجابها ولو أدى ذلك إلى امتناعها عن التعليم النظامي.

ثم إن حلقها لشعر الرأس لا يجيز لها كشف الرأس بحال، فلا نعرف أحدا من أهل العلم يجيز للمرأة كشف رأسها ولو كان محلوقا.

والله أعلم.

www.islamweb.net