الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للأب أن يمنع ابنته من الزواج لاسيما إذا احتاجت لذلك وطلبته، وقد تقدم لها الخاطب الكفء الذي لا يرد مثله، فإذا منعها من النكاح فهو عاضل آثم وتسقط بذلك ولايته على من يتولى عليها وتنتقل لغيره وهل تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد أم إلى السلطان؟ خلاف بين أهل العلم سبق بيانه في الفتوى رقم: 32427. وقد اتفقوا على أنها تنتقل إلى السلطان إذا امتنع الأولياء جميعا من تزويجها.
قال ابن قدامة في المغني: أهلها ثم السلطان لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم وبه يقول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد وأصحاب الرأي والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فالسلطان ولي من لا ولي له. وقال في موضع آخر: فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم... انتهى.
فإذا عدم القاضي الشرعي- كما في حالتكم- وتضررت الفتاة من عضل وليها فيجوز لها حينئذ أن ترفع أمرها إلى المحاكم الوضعية لترفع عنها ظلم أبيها، لأن هذه المحاكم وإن كان الأصل عدم جواز التحاكم إليها إلا أن الضرورة تبيح المحظور ولا شك أن حاجة الفتاة إلى الزواج في أزمنة الفتن والشرور حاجة تنزل منزلة الضرورة.
أما بخصوص ترك والدها للصلاة والصيام فإنه من أكبر الآثام، فإن كان تاركا للصلاة بالكلية فهو كافر على ما ذهب إليه أهل التحقيق من العلماء الراسخين، وقد بيتنا هذا في الفتويين التاليتين: 130853، 6061.
وأما الاستهزاء بشعائر الدين كاللحية والحجاب فإنه كفر بلا خلاف إلا أن يعذر صاحبه بالجهل.
وأما عن ولاية الكافر والفاسق لعقد الزواج فقد بينا الحكم في ذلك مفصلا في الفتويين: 43004، 110087.
والله أعلم.