الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك أيها الأخ الكريم مبتلى بالوسوسة، وهذا مما لا شك فيه، وما تزعم أنه يقين هو محض خيالات وأوهام وتلبيسات من الشيطان لا يريد بها إلا إتعابك وصدك عن سبيل الله وأن يشغلك عما ينفعك، والأمر أيسر من ذلك بكثير، واعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأنه تعالى لطيف بعباده لا يكلفهم من أمرهم عسرا، والأصل في الأشياء كلها هو الطهارة فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين.
وما تزعمه من تنجس البيت كله بسبب قطرة بول كانت في ثوبك إنما هو من تسلط الوسوسة عليك واسترسالك معها وعدم سعيك في علاجها، فإن هذا الثوب المتنجس قد طهر بغسل أمك له، والأصل في أرض الحمام هو الطهارة فإذا وقعت قطرة من البول على أرض الحمام فإنه يكفي أن يصب عليها شيء من ماء لتطهر بذلك، وما لم يتيقن أن النجاسة قد انتقلت من جسم لآخر فالأصل بقاء الطهارة.
ولا تتنجس المنشفة لمجرد تنشيف أختك بها حتى يعلم ويتيقن أن النجاسة قد وصلت إليها، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن النجاسة إذا جفت ثم أصابت طاهرا مبتلا أنها لا تنتقل بذلك، وانظر الفتوى رقم: 45775، وهذا القول أرفق بالموسوس.
فظهر لك أن كل ما تذكره أوهام وخيالات لا حقيقة لها، فالذي ننصحك به حتى تتعافى من هذا المرض هو أن تعرض عن جميع هذه الوساوس وألا تلتفت إليها وأن تبني على الأصل وهو الطهارة، وإذا كنت مصابا بسلس البول كما تذكر ولم يكن ذلك مجرد وسوسة فالواجب عليك هو أن تتحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع ثم تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، وانظر لبيان ضابط الإصابة بالسلس الفتوى رقم: 119395.
وأما الصلوات التي تركتها فعليك أن تقضيها فإنها دين في ذمتك لا تبرأ إلا بقضاءها وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وأما ما تشعر به من الفراغ فعليك أن تملأه بصحبة الصالحين والعناية بالعلم الشرعي الذي يعصم من هذه المزالق، وأن تحضر وتسمع الدروس والمحاضرات النافعة، وتشغل نفسك بحفظ القرآن الكريم ونحو ذلك من الأعمال الفاضلة.
نسأل الله لك ولجميع المبتلين العافية.
والله أعلم.