الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فهذا الذي وصفت من حالكما أمر يحدث مع مرور الوقت، ووجود الأولاد، وانشغال الزوجة، وتعبها في القيام بشؤونهم، وتربيتهم، فهو أمر طبيعي، كثير الحدوث.
ومبادرتك بالصلح مع زوجتك إذا حدثت مخاصمة بينكما، هو السبيل الحكيم لعدوة الهدوء والاستقرار للحياة الزوجية، ولا يعني ذلك بالضرورة ضعف شخصيتك، بل قد يكون ذلك من قوة الشخصية، ورجاحة العقل، وحسن التدبير؛ فإن العفو عن المسيء مما يزيد صاحبه عزة، وكرامة، ومن الأخلاق التي يحبها الله.
وعلى كل حال؛ فينبغي أن تعاشر زوجتك بالمعروف، وتتعامل معها بالحكمة، فتضع كلًّا من الرفق والشدة في موضعه، مع مراعاة طبيعة المرأة التي وصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ. إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ. اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. متفق عليه.
واعلم أنه إذا نزلت المصائب على العبد، أو شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتّهم نفسه، ويراجع حاله مع الله، فإنّه لا ينزل بلاء إلا بذنب، ولا يكشف إلا بتوبة، قال الإمام ابن القيم في الجواب الكافي: ومن عقوبات الذنوب: أنها تزيل النعم، وتحلّ النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلّت به نقمة إلا بذنب. اهـ.
وقال الإمام ابن الجوزي في ذم الهوى: قال الفضيل بن عياض: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي. اهـ.
فعليك بتجديد التوبة إلى الله، والمحافظة على الفرائض، واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة، والمحافظة على الأذكار المسنونة، والرقى المشروعة، وراجع الفتوى: 58076.
والله أعلم.