الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بالهداية ووفقك للاستقامة على الدين، ونسأله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه، ثم اعلم أنه يجب عليك أن تقضي ما تركته من الصيام في تلك المدة، فإنه دين في ذمتك لا تبرأ إلا بقضائه لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
ويكون قضاء تلك الأيام حسب الطاقة فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فيلزمك القضاء ما لم تخش ضررا من مرض أو نحوه، فعليك أن تعرف عدد تلك الأيام التي تركت صومها ثم تبادر بقضائها، ولا كفارة عليك وإنما يلزمك القضاء فقط، وذلك لأن الكفارة لا تجب إلا على من أفطر بالجماع في قول الجمهور وهو الراجح عندنا، وراجع الفتوى رقم: 111609، كما يلزمك قضاء ما تركته من الصلوات في تلك المدة عند الجمهور وهو الأحوط، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه فيمن ترك الصلاة عمدا أن القضاء لا يلزمه وإنما يكفيه الاشتغال بالنوافل مع الاجتهاد في التوبة والإكثار من الاستغفار، وانظر للفائدة حول كيفية قضاء ما فات من الصلاة والصوم الفتوى رقم: 70806، وما أحيل عليه فيها، وهذا كله فيما إذا كنت عالما بحكم الشرع وهو وجوب الصلوات الخمس وصوم رمضان ولكنك تركت القيام بها تكاسلا، وأما إذا كنت جاهلا بحكم الشرع لكونك نشأت في وسط الكفار فلا قضاء عليك لشيء من ذلك على الراجح فإن الشرع لا يثبت في حق المكلف إلا بعد بلوغه له.
قال في حاشية الروض: ومن لم يبلغه الشرع كمن أسلم بدار حرب، أو نشأ بباديه قيل يقضيها، وقيل لا، اختاره الشيخ، بناء على أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم، وأجري ذلك في كل من ترك واجبا قبل بلوغ الشرع، من تيمم وزكاة ونحوهما، وهو قياس الأصل، وقال: والأصح لا قضاء ولا إثم إذا لم يقصر، للعفو عن الخطأ والنسيان والنوم. انتهى.
والله أعلم.