الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شكّ أنّ قذف المحصنات من أكبر الكبائر، وقد شدد الشرع في أمر الأعراض، فحكم على القاذف بالجلد ووصفه بالفسق ورد شهادته، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. {النور: 4}.
فلا يجوز الاتهام بالفاحشة إلا لمن شاهد الزنا بعينه وتيقن من وقوعه دون لبس.
قال القرطبي: حكم شهادة الأربعة أن تكون على معاينة يرون ذلك كالمرود في المكحلة. الجامع لأحكام القرآن. وانظر الفتوى رقم: 10849.
وقد كان على هؤلاء الناس حين رأوا من هذه المرأة بعض المنكرات كالتبرج ودخول الأجانب عليها، أن يناصحوها في ذلك، فإن لم تنتصح كلموا زوجها ليمنعها من تلك المنكرات، أما رميها بالزنا من غير بينة فهو منكر كبير يجب عليهم أن يتوبوا منه، ومن توبتهم أن يخبروا من سمعهم حال القذف أنهم كانوا كاذبين، والراجح أنه لا يلزمهم أن يخبروا المرأة ويستحلوها من قذفهم لها.
قال ابن القيم: والقول الآخر: أنه لا يشترط الإعلام بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه بل يكفي توبته بينه وبين الله وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه. مدارج السالكين.
والله أعلم.