الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي جواز الائتمام بالمسبوق خلاف بين العلماء أوضحناه مفصلاً في الفتوى رقم: 119955، والراجح عندنا هو جوازه، وإن تصدق عليه أحد ممن فرغ من الصلاة فصلى معه كان ذلك حسناً، لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد: أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على ذا فيصلي معه، فقام رجل من القوم فصلى معه. وربما كان هذا أفضل من الائتمام بالمسبوق لوقوع الاتفاق على جواز هذه الصورة.
قال الشوكاني في شرح المنتقى: والحديث يدل على مشروعية الدخول مع من دخل في الصلاة منفرداً وإن كان الداخل معه قد صلى في جماعة. قال ابن الرفعة: وقد اتفق الكل على أن من رأى شخصاً يصلي منفرداً لم يلحق الجماعة فيستحب له أن يصلي معه وإن كان قد صلى في جماعة. انتهى.
ومن دخل المسجد بعد انتهاء الجماعة الأولى فعليه أن يحرص على فعل الصلاة في جماعة ما أمكن، فإن كان معه ثان صليا معاً جماعة ولم يكره لهما ذلك على الراجح، للحديث المتقدم، قال الشوكاني: وقد استدل الترمذي بهذا الحديث على جواز أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه، قال: وبه يقول أحمد وإسحاق وقال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى وبه يقول سفيان ومالك وابن المبارك والشافعي. انتهى.
فإن لم يكن معه ثان ووجد من يتصدق عليه فإنه يصلي معه، وإن لم يجد من يتصدق عليه ووجد مسبوقاً يتم صلاته ائتم به، فإن لم يجد ووجد من يصلي نافلة فإنه يأتم به على الراجح، ثم إن كان هذا المتنفل يصلي راتبة فإنه لا يشرع له الجهر لأن الفقهاء نصوا على أن المستحب في الرواتب كلها هو الإسرار، بل يمضي في صلاته على وجهها المشروع، وانظر الفتوى رقم: 111010.
والله أعلم.