الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينبغي للمسلم بعد العفو عن مظلمته وإسقاط حقه أن يتراجع بعد ذلك أو يدعو على من عفا عنه، فقد ذم الشارع العائد في هبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. وفي رواية: العائد في صدقته.. الحديث متفق عليه.
ولا شك أن العفو من أعظم القربات، فقد قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النــور:22}
وقال تعالى : وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}
وقد صح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.. الحديث. رواه مسلم وغيره.
ولذلك فما دمت قد عفوت فعليك أن تصبر وتحتسب الأجر عند الله تعالى، والظاهر أن الحديث المشار إليه هو في من لم يسقط حقه أو يتنازل عنه.
وأما الدعاء على الظالم بعد العفو عنه فهو من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه شرعا، إلا إذا كان العفو معلقا بشرط لم يتحقق.
ولذلك ننصح السائل الكريم بالصبر واحتساب عفوه عند الله تعالى، وعدم الدعاء على من عفا عنه وليتذكر دائما قول الله تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}
وللمزيد انظر الفتاوى: 29211، 20322، 93693، 125162 .
والله أعلم.