الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما أقدم عليه الأب من هبة الأرض لأبنائه دون بناته بقصد حرمان البنات يعتبر جورا في العطية ومن عادات أهل الجاهلية، ومخالفا لما أمر الله به من العدل في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ... {النحل: 90}, ولما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ... فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ... اهـ
وقد ذهب جماعة من المحققين من أهل العلم أن الأب إذا لم يعدل بين أولاده في العطية فإن العطية باطلة وترد في حياته وبعد مماته، وهذا هو المفتى به عندنا كما في الفتاوى: 101286, 103527, 6242. ولفظ الأولاد في الحديث يدخل فيه الأحفاد أيضا كما دخلوا في قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .. {النساء: 11}.
فيجب أن يعدل في عطيته للأحفاد ولو مع وجود الأولاد المباشرين.
جاء في تحفة المحتاج: ... الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ أَيْ فُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَلَوْ الْأَحْفَادَ مَعَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْأَوْجَهِ وِفَاقًا لِغَيْرِ وَاحِدٍ وَخِلَافًا لِمَنْ خَصَّصَ الْأَوْلَا،دَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْعَطِيَّةُ هِبَةً أَمْ هَدِيَّةً أَمْ صَدَقَةً أَمْ وَقْفًا أَمْ تَبَرُّعًا آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ جَمْعٌ يَحْرُمُ ... اهـ.
وعليه فللبنات الحق في المطالبة بحقهن في الميراث من الأرض بما فيها الجزء الذي أعطاه الأب لأحفاده بقصد حرمان البنات.
والله أعلم.