الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن فضل الله عليك أن من عليك بالهداية والحرص على طاعته، وتلك أعظم نعمة في الدنيا، فعليك أن تشكر الله قلبا وعملاً ولساناً، وتحافظ على دينك وتقدمه على كل ما سواه من ولد وأهل ومال، فلا يجوز لك طاعة والديك في التخلي عن الواجبات الشرعية أو الوقوع في الأمور المخالفة للشرع، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والذي ننصحك به أن تبذل جهدك في سبيل إصلاح والديك بالحكمة والموعظة الحسنة، وتبين لهم خطر ما هم عليه، ولا سيما ترك الصلاة، فإن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، وتركها جحوداً يخرج من الملة، وتركها تكاسلاً قد عده بعض العلماء كفراً مخرجاً من الملة، ولمعرفة ما يعين على المحافظة على الصلاة، راجع الفتوى رقم: 3830.
ويمكنك الاستعانة في ذلك بإهداء بعض الأشرطة أو الكتب أو التوجيه للمواعظ والدروس بالمساجد أو البرامج التي تبث على القنوات الفضائية، مع الحرص على معاملتهم بخلق طيب والإحسان إليهم والدعاء لهم مع عدم تعجل النتيجة.
أما إذا كان في بقائك معهم ضرر على دينك فعليك الفرار إلى مكان تقدر فيه على المحافظة على دينك، ولا مانع من زواجك دون علم أهلك، ولا مانع أيضاً من كون الزواج وسيلة للهجرة من بلدك، ما دام الزواج مستكملاً شروطه وأركانه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 1766.
لكن عليك بكل حال مداومة بر والديك، فإن حقهما في البر لا يسقط، فقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14}، وأبشر خيراً ولا تخف ما دمت مستقيماً على طاعة الله معتصماً به فلن يضيعك أبداً، قال تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.
والله أعلم.