الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة على السؤال نريد التنبيه إلى أمرين:
الأول: أن المرأة يبقى عليها سلطان الزوج ما لم تحصل بالفعل على الطلاق فلا معنى للقول أن هذه في حكم المطلقة.
الثاني: أن اليتيم إنما يوصف به المرء قبل البلوغ، فإذا بلغ لم يعد موصوفا باليتم ولو كان فاقدا لأبويه واليتم إنما هو من جهة الأب فقط.
فإذا كانت هذه المرأة ذات زوج فهو مسئول عنها وله القوامة عليها، والواجب عليه أن يمنعها من المنكرات، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ... متفق عليه.
وحتى لو طلقت من زوجها طلقة رجعية فإن عليها لزوم بيته حتى تنقضي عدتها ، قال البهوتي: وحكم الرجعية في العدة حكم المتوفى عنها في لزوم المنزل لقوله تعالى: { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن } وسواء أذن لها الزوج في منزله أو غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه. كشاف القناع.
ولا يعني ذلك إعفاء الإخوة من مسئوليتهم تجاه أختهم إذا علموا وقوعها في المنكرات ولم يقم الزوج بمنعها، فإنّ تغيير المنكر مسؤولية كل من يراه ويقدر على تغييره، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.
وإذا لم تكن هذه المرأة تحت سلطان زوجها فالواجب على إخوتها أن ينصحوها ويمنعوها من المنكر، ويحولوا بينها وبين أسباب الفساد على حسب استطاعتهم، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ الإخوة إذا لم يأمنوا على أختهم الثيب فلهم ضمها إليهم ليحفظوها من الفساد، قال ابن عابدين -معلقا على القول بحق الأب في ضم بنته الثيب غير المأمونة: .. والظاهر أن الجد كذلك بل غيره من العصبات كالأخ والعم ولم أر من صرح بذلك ولعلهم اعتمدوا على أن الحاكم لا يمكنه من المعاصي وهذا في زماننا غير واقع فيتعين الإفتاء بولاية ضمه لكل من يؤتمن عليه من أقاربه ويقدر على حفظه فإن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه لا سيما من يلحقه عاره وذلك أيضا من أعظم صلة الرحم والشرع أمر بصلتها وبدفع المنكر ما أمكن. حاشية ابن عابدين
و لا شكّ أنّه ليس للإخوة قتل أختهم مهما فعلت من منكرات، فإن إقامة الحدود والتعزير للحاكم وليست للأفراد، وانظري الفتوى رقم : 29819.
وإذا قام الإخوة بما عليهم من واجب النصيحة وتغيير المنكر على حسب استطاعتهم، فلا إثم عليهم –إن شاء الله- فيما يقع من أختهم.
وننبه إلى أنه في حال وقوع الإخوة في الإثم فإن أولادهم و زوجاتهم لا يضارون بذلك، فالقاعدة في الشرع أنّ أحداً لا يؤاخذ بجريرة غيره، قال تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.. {الانعام: 164}
والله أعلم.