الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فابتداء: ننبهك على أن الخِطبة لن تحقق لك ما تصبو إليه من الإعفاف؛ لأن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، والمخطوبة أجنبية عن خاطبها حتى يتم عقد الزواج، وقد بينا حدود العلاقة بين الخاطب ومخطوبته في الفتوى: 27622.
وعلى ذلك؛ فإنا ننصحك بالمبادرة إلى الزواج؛ فإن الزواج من أعظم أسباب العِفّة والتحصين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. متفق عليه.
فإن كنت غير قادر على الزواج، وكان أبوك قادرًا على أن يزوّجك؛ فإنه يجب عليه ذلك، على الراجح، قال المرداوي في كِتاب: الإنصاف: يَجِب علَى الرجلِ إعفاف من وجبت نفقتهُ عليْهِ من الآبَاءِ والأجداد والأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ، ممن تجب عليه نفقتهم. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. انتهى.
ولا يجوز لوالديك أن يمنعاك من الزواج بحجة الدراسة؛ فإن الزواج ليس عائقًا عن التفوّق في الدراسة، بل كثيرًا ما يكون من أسباب التفوّق فيها، إضافة إلى أن أهل العلم قد نصّوا على أن الزواج يكون واجبًا على من يخشى على نفسه الفتنة.
وإذا صار واجبًا شرعًا، لم يجز تركه لاعتراض أحد من الناس، جاء في الشرح الكبير لابن أبي عمر: من يخاف على نفسه مواقعة المحظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
فعليك أن تقنع والديك بهذا بأسلوب ليِّن رفيق.
فإن أصرّا على معارضتك، فعليك أن تتزوج، ولو بغير رضاهما، إن كنت قادرًا على الزواج.
فإن كنت لا تقدر عليه، فعليك بالصوم، كما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وراجع الكلام حول موقف المسلم من الدراسة في الأماكن المختلطة، وكيف يوفّق بين طاعة الله وطاعة والديه في هذا الأمر، وذلك في الفتاوى: 31277، 5310، 2523.
والله أعلم.