الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في العديد من الفتاوى خطورة الدراسة في الجامعات المختلطة التي يتعرض الشباب فيها للفتن، كما في الفتوى رقم: 2523.
وإذا اضطر الشاب للدراسة في الجامعات المختلطة فعليه أن يلتزم أحكام الشرع وآدابه في التعامل مع النساء الأجنبيات من غض البصر، وترك الكلام بغير حاجة، واجتناب الخلوة المحرمة ونحو ذلك حتى يسلم بإذن الله من الفتن، واعلم أن كثيراً من الشباب المسلم الذين تضطرهم الظروف للدراسة في هذه الجامعات المختلطة، يعصمهم الله من هذه الفتن ويجنبهم الانزلاق وراء هذه الشهوات وذلك يسير على من يسره الله عليه فإن من اعتصم بالله عصمه وكفاه.
أما الشباب الذين يفرطون في أحكام الشرع ولا يتمسكون بآدابه فيقعون في الفتن، فهؤلاء يظلمون أنفسهم ويوقعونها في العنت ويوردونها موارد الهلاك، قال تعالى: وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا* يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا. {النساء:27-28}، فالذي ننصحك به إن كنت تقدر على الزواج بتلك الفتاة أن تبادر به، وإن كنت لا تقدر على ذلك فالواجب عليك أن تقف عند حدود الله وتقطع علاقتك بها حتى يتيسر لك الزواج بها، وليس بين الأمرين واسطة، إلا لمن يريد اتباع هواه وموافقة شهواته ونبذ الشرع المطهر والتحلل من الأخلاق الكريمة، أما من كان حريصاً على مرضاة ربه خائفاً من غضبه وعقابه راضياً بشرعه وقضائه فلا يسعه إلا طريق الشرع، فانظر أي الطريقين ترضاه لنفسك: طريق العفة والاستقامة أم طريق الفتنة والغواية؟ ولا تخدعك نفسك ويغررك شيطانك بأنك لا تقدر على قطع علاقتك بتلك الفتاة أو أنك تقدر على مواصلة العلاقة معها دون أن تقع فيما يخالف الشرع، فكل ذلك باطل ومخالف لما يدل عليه الشرع والعقل والواقع، وإلى أن يتيسر لك الزواج فعليك بالصوم مع حفظ السمع والبصر، وممارسة بعض الرياضة، واشغل وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، واحرص على صحبة الأخيار الذين يعينونك على طاعة الله، ويربطونك بالمساجد ومجالس العلم والذكر، وعليك بكثرة الدعاء فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.