الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القرآن الكريم تشرع الرقية به وسؤال الله به كما في الحديث: اقرءوا القرآن وسلوا الله به. رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا. {الإسراء: 82}.
والقرآن عرفه أهل العلم بقولهم: هو اللفظ المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته المعجز بسورة منه.
والترجمة ليست قرآنا وإنما هي بيان معاني القرآن بلغة ليست عربية، فلا تعتبر قرآنا متعبدا به ويستشفى به؛ ولكن إذا دعا الإنسان بلغة من اللغات فذكر معنى دعاء من الأدعية القرآنية فلا حرج في ذلك، لأن الدعاء لا يشترط في قبوله أن يكون باللغة العربية، ولأن ما كان مفهوم المعنى مأمونا من وجود الشرك به لا حرج في الرقية به؛ لعموم حديث مسلم: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
وأغلب كلام العلماء في النهي عن الرقية باللغة العجمية ينصب على ما لم يفهم معناه لاحتمال وجود الشرك به، وأما ما فهم معناه فهو سالم من ذلك.
فقد قال القرافي في الفروق: نهى مالك وغيره عن الرقى بالعجمية لاحتمال أن يكون فيه محرم. اهـ.
وقال البهوتي في شرك منتهى الإرادات: ويحرم رقية بغير العربي إن لم يعرف صحة معناه لأنه قد يكون سبا وكفرا.. اهـ.
وقال العدوي في حاشيته على شرح الرسالة: الرقية لا بد لها من شروط: أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره.. اهـ.
وبمثل هذا قال ابن حجر في الفتح واستدل له بحديث مسلم السابق.
والله أعلم.