الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ولم يترك الميت وارثا غيرهم، فإن للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى:... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ... {النساء: 12}، والباقي للأبناء والبنات تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ... {النساء: 11}، ولا شيء للأخوات من الميراث لكونهن محجوبات بالابن الذكر، فتقسم التركة على مائة وعشرين سهما:
للزوجة ثمنها: خمسة عشر سهما.
ولكل ابن أربعة عشر سهما، ولكل بنت سبعة أسهم.
وأما الوصية فاعلم أولا أن الوصية لا تثبت بمجرد العثور على ورقة مكتوبة كما بيناه في الفتوى رقم: 66872، والفتوى رقم: 131930، ولكن إذا ثبت أن تلك وصية الميت إما بشهادة عدول أو بإقرار الورثة فإنه يعمل بها ولو بعد عامين أو أكثر من الوفاة، قال ابن قدامة في المغني:... فَأَمَّا مَا ثَبَتَ مِنْ الْوَصِيَّةِ، بِشَهَادَةِ أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِهِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ وَيُعْمَلُ بِهِ، مَا لَمْ يُعْلَمْ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ، وَتَغَيَّرَتْ أَحْوَالُ الْمُوصَى بِهِ... اهـ،
ووصيته بعدم بيع البناية وإعطاء أخواته مبلغا من الميراث، هذه وصية بوقف البناية على المحتاجين ووصية لغير وارث وهن الأخوات، وهي وصية صحيحة ولكن لا يمضي منها إلا مقدار الثلث من التركة، فإن كانت البناية والمبلغ الذي أوصى به لا يزيدان على ثلث كل التركة نفذت الوصية، وإن كانت تزيد على الثلث لم يمض منها إلا الثلث.
وقد تعددت أقوال الفقهاء فيما إذا ازدحمت الوصايا وضاق الثلث عنها من يُقدم ؟، فمنهم من قال يقَدَّمَ مَا قَدَّمَه الْمُوصِي أي في الذكر إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَهَمِّ، فيبدأ بالأول فالأول منها إذا ضاق الثلث عن جميعها، ولأن السابق استحق الثلث فلم يسقط بما بعده، ومنهم من قال يتحاص الموصى لهم الثلث، ومنهم من قال يُبْدَأُ بِالْآكَدِ فَالْآكَدِ، وذهب آخرون إلى أن الوصية بالمعين مقدمة على الوصية بالمقدر وقيل غير ذلك.
والسائل الكريم لم يذكر لنا نص الوصية بالضبط، وهل المبلغ الذي أوصى به الميت لأخواته معينا أو مبهما، ولا يمكن للورثة بيع البناية بعد أن تعلق بها حق الموصى لهم، والذي ننصحكم به هو أن تراجعوا المحكمة الشرعية في مسألة الوصية أو تشافهوا بها أهل العلم، فإن هذا أفضل من الإجابة مع ضروب من الاحتمالات.
والله أعلم.