الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت في المرة الأولى قد أصدرت وثيقة الطلاق دون أن تتلفظ به ولم تنوه فالراجح عندنا عدم وقوع هذا الطلاق، لأن كثيراً من العلماء يشترطون النية في وقوع الطلاق بالكتابة، وراجع في ذلك الفتوى رقم :8656.
وأما إذا كنت قد تلفظت بالطلاق، أو نويته مع كتابته، فقد طلقت زوجتك، وبانت منك لكونها غير مدخول بها، ولا تملك رجعتها إلا بعقد جديد، قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة ولا يستحق مطلقها رجعتها ............. وإن رغب مطلقها فيها فهو خاطب من الخطاب يتزوجها برضاها بنكاح جديد وترجع إليه بطلقتين المغني
فإن كنت رجعت إليها من غير عقد جديد فرجوعك باطل، وهي ليست زوجة لك، ومعاشرتك لها قبل العقد عليها حرام، ولا يلحقها طلاقك، وفي هذه الحال تكون قد حلت لك بالعقد الأخير.
أما إذا كنت قد رجعت إليها بعقد جديد ثم طلقتها طلقتين فقد بانت منك بينونة كبرى، فلا تحلّ لك إلّا إذا تزوجّت زوجاً غيرك -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج ثم يطلقها وتنتهي عدتها منه.
أما الزواج الذي تم بغرض التحليل دون دخول الزوج بها، فهو زواج محرم باطل، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله المحلل والمحلل له رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي ، ولا يترتب على هذا العقد حل زواجك بها لكونه زواج تحليل لا زواج رغبة ولأنه لم يدخل بها ، قال ابن قدامة: ويشترط لحلها للأول ثلاثة شروط : أحدها : أن تنكح زوجا غيره .....
الشرط الثاني : أن يكون النكاح صحيحا .......
الشرط الثالث : أن يطأها في الفرج ...... المغني (باختصار)
وعلى ذلك فإنك إذا كنت قد طلقت هذه المرأة ثلاث طلقات، فالواجب عليك مفارقتها، ولا يحل لك نكاحها إلا إذا تزوجت زواجا صحيحا -وليس بغرض التحليل- ويدخل بها الزوج ثم يطلقها وتنتهي عدتها منه.
والذي ننصحك به هو الرجوع للمحكمة الشرعية وبيان الأمر لهم ليفصلوا فيه.
وننبهك إلى أن مسائل الطلاق والرجعة لها خطرها فلا يجوز الإقدام على شيء منها قبل معرفة الحكم الشرعي الصحيح.
واعلم أنّ الزوج إذا تلفظ بطلاق زوجته مدركا لمعناه فالطلاق واقع ولا أثر لحسن العشرة أو سوء العشرة بينهما، ولا عدم قصده.
كما ننبهك إلى أن إجهاض الحمل لا يجوز إلا في حال الضرورة، كما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم، أما الإقدام على الإجهاض من غير ضرورة فهو محرم، وانظر الفتوى رقم : رقم : 2016.
والله أعلم.