الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونحن ليس عندنا علم بهذا النوع من الكريمات، ولا يمكن أن نحكم عليه حكماً بالخصوص إلا إذا اطلعنا على وصف تركيبه وتأكدنا من ذلك، ولكن نجيب جواباً عاماً يشمل هذا النوع وغيره من الكريمات والعطورات فنقول: إن الحكم على الكريمات والعطور يرجع إلى أصل المواد المكونة لها، فإن كانت طاهرة فهي مباحة ما لم يترتب على استعمالها ضرر، وإن كانت مركبة من مواد نجسة كالكحول ونحوها، فإن الحكم فيها حينئذ المنع، إذا لم تستحل هذه الأعيان استحالة تامة عن وضعها السابق، وتتحول إلى أعيان أخرى طاهرة فإنها بذلك تطهر، وراجع الفتوى رقم: 254.
ثم إن الاستحالةَ معناها -كما هو معروفٌ عند الفقهاء- أن تتحول العين إلى عينٍ أخرى مخالفةٍ لها في الحد والحقيقة، مثل أن تتحول الميتة إلى تراب، والراجح أن النجاسات تطهر بالاستحالة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: ومن الممتنع بقاء الخبيث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودا وعدما، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا يتناول الزروع والثمار والرماد والملح والتراب والخل لا لفظاً ولا معنى ولا نصاً ولا قياساً. اهـ
فإذا تحولت العين النجسة التي هي (الكحول) إلى عينٍ أخرى وزالت عنها صفاتها الأولى فقد طهرت، وإذا أضيفت بعد الاستحالة إلى الكريمات فإنه يجوز استعمال تلك الكريمات لأنها باقية على طهارتها، وأما لو أضيفت قبل الاستحالة فإن الكريمات تتنجس بمجرد ملاقاتها للكحول، وبالتالي فلا يجوز استعمالها، وإذا شككت في كونها قد استحالت أو لم تستحل، فالأصل عدم استحالتها لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فيستصحبُ حكم النجاسة حتى يحصل يقين بالطهارة وتحقق الاستحالة، ويمكن معرفة ما إذا كانت هذه المواد قد استحالت استحالة كاملة إذا كانت قد تحولت إلى مواد مباينة تماما لما كانت عليه.
وأما عن كيفية تحديد ذلك فان المرجع في هذا الأمر هم أهل الاختصاص من علماء الكيمياء والطب وأصحاب المصانع.
وعليه، فلا يجب الامتناع عن كل العطور والكريمات، ولكن إذا غلب على ظنك أن نوعاً من العطور أو الكريمات يحوي مادة الكحول فالواجب تركه، وإن لم يغلب ذلك على ظنك فلا بأس باستعماله لأن الأصل في الأشياء الإباحة.
وانظر لذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 112455، 64509 ،108518.
والله أعلم.