الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قول السائل أعطت وأوصت ينبغي التدقيق في شأنه لمعرفة ما حصل فعلا، فهل وهبت في حياتها الذهب لبناتها وحصلت الحيازة أم أنها أوصت أن يعطى لهن الذهب بعد وفاتها؟ لأن الهبة والعطية يختلف حكمها عن الوصية فيرجى التدقيق فيما حصل فعلا. إن كانت الهبة حصلت وحيزت قبل وفاة الأم فلا حرج في ذلك ويصير الذهب ملكا لهن، وإن لم تكن حيزت فإن المال يرجع للتركة ويشترك فيه جميع الورثة لما روى الإمام مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه وهب لعائشة رضي الله عنها فقال: يا بنية كنت نحلتك جذاذا عشرين وسقا ولو كنت حزته أو قبضته كان لك فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله. اهـ.
وإن كانت الأم أوصت بالذهب للبنات فالأصل في ذلك عدم الجواز لحديث: لا وصية لوارث. رواه أبو داود وصححه الألباني. ولكن إذا أجازه الورثة فإنه يجوز تنفيذه لما في رواية الدارقطني: لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
قال الصنعاني في السبل: وقوله إلا أن يشاء الورثة دل على أنها تصح وتنفذ الوصية للوارث إن أجازها الورثة. اهـ.
وبناء عليه يعلم جواز تنفيذ الوصية للبنات إذا أمضاها ورثة ولا يكفي رضا الوالدين عن رضي الزوج لأنه أحد الورثة، فيجب أن يعلم فيوافق أو يرفض، فإن وافق فذاك وإن رفض فيتعين أن يعطى له من الذهب بقدر حظه في الشركة وهو الربع.
وأما ميراث البنات فهو ملك لهن ويجوز لوالدهن أن يأخذه باعتباره وليا لهن وينفق عليهن منه، وإذا رشدن فيجب عليه أن يسلمه لهن، ويجوز للأب أن يأخذ من مال البنات لحاجته دون سرف ولا سفه، ولكنه لا يتملك المال بمجرد أبوته لهن. وأما حديث: أنت ومالك لأبيك. فقد أخرجه الترمذي وابن ماجه وقال البوصيري: إسناده صحيح.
ولكن معنى اللام في قوله لأبيك هو الإباحة وليس معناها التمليك كما قال الشوكاني في النيل.
والله أعلم.