الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب عليك الانفصال عن زوجك إرضاء لأبيك بل ولا يجوز ذلك أصلا، لأن المرأة إذا تزوجت صار زوجها أولى بها من أبيها وأمها والناس أجميعن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
ولا يجوز لأبيك أن يطلب منك الانفصال عن زوجك دون سبب معتبر شرعا وإلا كان آثما.
والواجب عليك في هذا المقام أن تسعي لبر أبيك وصلته بالمعروف، وأن تبذلي جهدك لإرضائه وتحقيق ما يطلبه فيما يوافق شرع الله وأمره وبما لا يتعارض مع حق زوجك عليك.
أما ما يفعله أبوك مما يظهر أنه همز وطعن في أخلاق بناته فعليكم أن تحسنوا الظن به أولا وتحملوا كلامه على أحسن المحامل وأطيبها، فإن بدا منه كلام لا يحتمل إلا الشر فعليكم حينئذ أن تنصحوا له بأسلوب لين لطيف لا زجر فيه ولا تعنيف، وتعلموه بحرمة هذا فإن أصر على ذلك فعليكم أن تصبروا عليه وتعرضوا عن كلامه هذا، أما أن تحتدوا عليه في النقاش والجدال وتغلظوا عليه في الإنكار فهذا لا يجوز وهو من العقوق المحرم.
واعلمي أن الإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرهما من الناس.
ذكر القرافي رحمه الله في كتابه الفروق أن الوالدين يؤمران بالمعروف وينهيان عن المنكر قال مالك ويخفض لهما في ذلك جناح الذل من الرحمة. انتهى.
وفي الآداب الشرعي لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر، قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام وإلا تركه وليس الأب كالأجنبي. انتهى.
والله أعلم.