الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على التفاهم بمعرفة كل من الزوجين ما له من الحقوق وما عليه من الواجبات، ليتحقق استقرار الأسرة، الذي هو أساس الحياة الزوجية.
وجماع هذا كله أن يكون الدين هو الأساس في معاملة الزوجين أحدهما للآخر، وإلا انفرط النظام، وتشتتت الأسرة، وضاع الأولاد.
أما بخصوص زوجتك فلا شك أنها قد أساءت وعصت ربها وتعدت حدوده بما كان منها من تقصير في حقك وإساءة إليك على حسب ما ذكرته في رسالتك، وهذا الذي حدث منها نشوز بلا خلاف لأن تطاولها عليك وخروجها من بيتك دون إذنك كل هذا من صور النشوز، والنشوز يسقط حق الزوجة في النفقة والسكنى ونحو ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 77560 .
وقد سبق بيان حكم الناشز وكيفية التصرف معها في الفتوى رقم: 9904 .
وإنا لننصحك بأن تبذل معها محاولة أخيرة لاستصلاحها وتذكيرها بحقوق الله عليها وحقوق الزوج، وذلك حفاظا على مصلحة الأسرة ومصلحة ابنتكم، ويمكن أن توسط بينك وبينها بعض أهل العقل والخير من أقاربها أو من سواهم، فإن استجابت فبها ونعمت، وإن استنفدت معها هذه المراحل ولم تنته عما هي فيه فلا حرج عليك في طلاقها، بل لعل طلاقها هو الخير؛ لأنه لا يستحب إمساك مثل هذه المرأة. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، و رجل آتى سفيها ماله. رواه الحاكم وغيره، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين. والمعنى أنه إذا دعا عليها لا يستجيب الله له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها.
قال ابن قدامة في المغني: وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكن وحبس المرأة، مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. انتهى.
هذا، ويجب التنبه إلى أن قولك لها كما تريدين جوابا لقولها أريد الطلاق يعتبر من كنايات الطلاق، فإن كنت تقصد بذلك إيقاع الطلاق فإنه يقع، وإن لم تقصد إيقاعه فلا شيء عليك. وتراجع الفتوى رقم: 3174.
والله أعلم.