الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالملك سواء للمنافع أو للأعيان يثبت شرعا لصاحبه، ولا يصح ولا يجوز أن يزاحم فيه.
قال الجويني في (غياث الأمم): القاعدة المعتبرة أن الملاك مختصون بأملاكهم، لا يزاحم أحد مالكا في ملكه من غير حق مستحق ... فالأمر الذي لا شك فيه تحريم التسالب والتغالب ومد الأيدي إلى أموال الناس من غير استحقاق. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الرجل أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين. اهـ.
والعبرة في العقود بالمعاني لا المباني، فالأوراق الرسمية إذا خالفت الواقع في تعيين المالك الحقيقي، فإنها لا تغير من الحكم شيئا، فلا تُحل الحرام ولا تُحرم الحلال، ولا تصحح الباطل ولا تبطل الحق.
وعلى ذلك، فالمحل والسيارة والشقة المذكورة في السؤال هي أملاك ثابتة للأخ الأصغر، كما فهمنا من السؤال، ولا عبرة بكتابة شيء منها لغيره في الأوراق الرسمية إن كان ذلك مخالفا للواقع، فلو كتب الأخ الأصغر شيئا من أملاكه للأخ الأكبر على سبيل التوقير والتقدير والأمانة لا على سبيل التمليك، فإن ملكه لا يزول بذلك. والتالي فلا يحل للأكبر التصرف فيه ولا منازعة أخيه، ولا المطالبة بشيء منه.
وأما بالنسبة لمساعدة الأخ الأكبر لأخيه الأصغر بالوقوف في المحل فإن كانت على سبيل التبرع فلا يستحق أجرة مقابل ذلك، وليس له أن يطالب بشيء، وإن كانت على سبيل الإجارة، ولم تسم الأجرة، فليس له إلا أجرة المثل، بمعنى أن يقدروا أن الأخ الأصغر أتى بشخص يعمل العمل الذي كان أخوه يقوم به، ويقدر الأجرة التي كان سيأخذها، فيكون هذا هو حق الأخ الأكبر نظير عمله مع أخيه في ما مضى. وعندئذ فللأخ الأصغر أن يخصم من ذلك ما أخذه الأخ الأكبر من المحل، لأن السائل قد ذكر أنه كان يأخذ كل احتياجات بيته من المحل.
ولا شك أن الوضع لو كان كما ذكر السائل، فإن انفصال هذين الأخوين واستقلال كل واحد منهما بعمله ـ هو الأفضل بل هو المتعين؛ فضَّا لهذه المنازعات، وفصلا لهذه الخصومات، واستبقاء لصلة الرحم بينهما.
على أننا ننصح الأخ الأصغر أن يترفق في أخذ حقه حتى يقلل خسائره ولا يقطع رحمه. وينبغي أن يستشير أهل الرأي والخبرة ممن يعرفون أخاه الأكبر ليصل إلى أسلم وأقرب طريقة لاستنقاذ حقه من أخيه. وليستعن قبل ذلك بالله عز وجل ويصدق في التوكل عليه، ويكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. حسبي الله ونعم الوكيل.
والله أعلم