الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المذكور حديث صحيح- كما أشار السائل الكريم- ويوضحه قوله- صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم أيضا: .. إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر
وقال النووي في شرح مسلم باب وجوب امتثال ما قاله شرعا، دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي..
وقد نص علماء الأصول على أن الرأي منه- صلى الله عليه وسلم- كالرأي من غيره في احتمال الغلط، والأمثلة على ذلك كثيرة في سيرته- صلى الله عليه وسلم- وبالاتفاق لا تجوز مخالفته فيما ينص عليه من أحكام الشرع.
وتصنيف العلوم الدنيوية تحت هذا الحديث لا نرى مانعا منه بشرط ضبطها بالضوابط الشرعية العامة، فالمسلم العاقل هو الذي يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه كما أمره النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله: احرص على ما ينفعك.. الحديث رواه مسلم.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 57742، 18640، 113857 ،61047.
ولا داعي لحصر العلوم في العلم الشرعي- وإن كان العلم الشرعي هو أساس العلوم وأهمها كما أشار السائل - فإن الآيات القرآنية كثيرا ما تعقب على ذكر مظاهر قدرة الله تعالى في هذا الكون: من الدواب والنبات الجبال والكواكب.. بذكر العلم والتنويه بأهله. انظر مثلا قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {فاطر:27}. وفي نفس السياق: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ{فاطر:28}
وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ .. ثم يأتي التعقيب عليها يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {يونس:5}
والله أعلم.