الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن نبينا- صلى الله عليه وسلم- معصوم من الكبائر بإجماع الأمة سلفا وخلفا. ومعصوم في تحمل الرسالة، فلا ينسى شيئاً من وحي الله إليه، إلا شيئاً قد نسخ، وقد اختلف أهل العلم في عصمته من الصغائر ، فأكثرهم على أن العصمة من الكبائر فقط. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر مع أدلته وأقوال أهل العلم حوله في الفتوى: 6901. ولكن الأنبياء إذا وقع منهم خطأ لا يقرون عليه، ولا يؤخرون التوبة منه، فالله تعالى عصمهم من ذلك، وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها كما قال العلماء .
وأما شجاعته- صلى الله عليه وسلم- فلا يشك فيها عاقل وقف على شيء من أخباره ومواقفه وغزواته.. فهذا علي- رضي الله عنه- وهو من هو في البطولة والشجاعة يقول: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه. رواه الإمام أحمد في المسند وغيره.
وكل مواقفه- صلى الله عليه وسلم- وأيامه تدل على أنه قمة في الشجاعة فعمر وعلي وغيرهما من الشجعان- رضوان الله عليهم- كانوا إذا اشتد البأس يتقون به، ومن مواقفه الدالة على ذلك ما ذكره أصحاب السير يقول المباركفوري في الرحيق المختوم: وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل كان أشجع الناس حضر المواقف الصعبة وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة وهو ثابت لا يبرح ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة وحفظت عنه جولة سواه، قال علي: كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، قال أنس: فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: لم تراعو ا لم تراعوا. اهـ
وما تجدين من الشعور بداخلك أو في نفسك لا إثم فيه ما لم تتكلمي أو تعملي، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.
والله أعلم.