الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن صلاتكم مع جماعة المسجد أفضل من صلاتكم مع جماعة العمل، لا سيما وأنه قد ذهب كثير من الفقهاء إلى وجوبها في المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للرجل الأعمى في أن يصلي في بيته مع احتمال أن يؤديها في البيت جماعة, وكذا هم صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت الذين يتخلفون عن الصلاة في المسجد ولم يمنعه من ذلك إلا وجود من فيها من النساء والذرية وأن ابن مسعود قال: ... وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ... إلخ، وغير ذلك من الأدلة التي استدلوا بها على وجوب شهود جماعة المسجد.
قال ابن القيم رحمه الله: ... ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة ... اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ... وهذا القولُ هو الصَّحيحُ: أنَّه يجبُ أن تكون في المسجدِ، وأنَّه لو أُقيمت في غير المسجدِ، فإنَّه لا يحصُلُ بإقامتها سقوطُ الإثمِ، بل هم آثمون، وإنْ كان القول الرَّاجح أنَّها تصحُّ ... اهـ.
وفي المسألة خلاف بيناه في الفتوى رقم: 31443.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ... أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْمَسَاجِدِ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ وَأَجَلِّ الْقُرُبَاتِ .. اهـ.
فإذا كان صاحب العمل لا يمنعكم من الذهاب للمسجد كما ذكرت فإن الأفضل لكم والأبرأ لذمتكم أن تصلوا في المسجد, وأما كون صاحب العمل لا يصليها جماعة لو تركتموه وذهبتم أو ربما ينساها فعلاج ذلك أنه يمكنكم تذكيره بعد عودتكم من المسجد.
والله أعلم.