الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فشأن بر الوالدين عظيم وخطره جسيم، وقد جعل الله تعالى بر الوالدين ورعاية حقهما تالياً للأمر بعبوديته وحده في غير ما موضع من كتابه وناهيك بهذا شرفاً: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {النساء:36}، فعليك أيها الأخ الكريم أن تجتهد في الإحسان إلى والديك وبرهما ما أمكن واغتنام فرصة حياتهما فإنه غنيمة باردة وفرصة سانحة لتحصيل أعظم الأجر ونيل وافر الثواب، ولا تستكثر ما تبذله من مال ولا ما تقضيه معهما من وقت فإن ثواب برهما لا يقدر قدره، فمهما أمكنك إيناسهما والجلوس معهما فافعل، ومهما أمكنك التوسيع عليهما في النفقة فلا تتأخر. وينبغي لك أن ترغب زوجتك بأن تهتم بقدر استطاعتها بأمر والديك وقضاء حاجتهما وأن تستعين على ذلك بالله تعالى، وأن تبين لها أن هذا الأمر وإن استلزم جهداً أكبر وقضاء وقت أطول في العمل فإن ثواب الآخرة خير وأبقى.
وينبغي لك مع ذلك أن تبالغ في إكرام زوجتك إن هي فعلت ذلك ترغيباً لها فيه، وأنت مأجور على برك بوالديك بقدر ما تفعله من بر، وما لا تقدر عليه لا يؤاخذ الله به، وأما خدمة والديك فإنها واجبة عليكم جميعاً ذكوركم وإناثكم إذا احتاجا إلى الخدمة، فيجب عليكم أن تقوموا بمصالحهما وأن ترعوا شأنهما إما بأنفسكم أو باستئجار من يقوم بذلك نيابة عنكم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 127286.
وعليك أن تناصح أخواتك وأن تبين لهن أن ما يقمن به من شتم زوجاتكم أمر غير جائز شرعاً، وأن خدمة الوالدين واجبة عليهن وليست واجبة على زوجاتكم، فعليهن أن يتقين الله ولا يقصرن في بر والديهن، وأما زوجات الأولاد فما يقمن به من ذلك تطوعاً فهو عمل صالح وقربة يتقربن بها إلى الله تعالى وليس ذلك بلازم لهن بل هو عليكم أنتم ذكوراً وإناثاً كما قدمنا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 64701، والفتوى رقم: 46462.
والله أعلم.