الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمسلم أن يسخر من مسلم بأي حال من الأحوال، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه مسلم.
ولا شك أن معصية الاستهزاء بالمسلم في هيئته وصورته، وإن كان فيها حق لله سبحانه إلا أن حق العبد فيها أغلب، إذ الاستهزاء بصنع الله لازم لهذه المعصية وليس مقصوداً بالأصالة، ولهذا لو رفع صاحب هذه المظلمة أمره إلى القضاء ليعاقب من استهزأ به ثم عفا عنه فإن العقوبة تسقط بعفوه، وهذا دليل على أن حق العبد فيها أغلب لأن حقوق الله لا يمكن العفو عنها من جهة العباد، ومقصودنا بالفتوى هذه أنه يجوز العفو والصفح والتغاضي فيما يختص بحق العبد، أما ما يتبع ذلك من الاستهزاء بصنع الله وتصويره فهذا تجب فيه النصيحة.
والله أعلم.