الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على هذه المرأة أن تتقي الله تعالى، وأن تعلم أن قضاء ما أفطرته من أيام في رمضان دين في ذمتها ولا بد لها من المبادرة به، ولا يجوز لها تأخير القضاء حتى يدخل رمضان التالي إن كانت تقدر على القضاء، وإن أخرت القضاء حتى دخل رمضان التالي فقد أثمت بذلك ووجب عليها مع القضاء فدية طعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه في قول الجمهور، ولتعلم أن حقوق الله تعالى أولى بأن تراعى وتقدم على ما عداها، وأن مشقة الصيام وشدة الحر ونحو ذلك ليس مانعا من القضاء ما دامت تقدر عليه بلا خوف حصول ضرر عليها، وهي إذا اتقت الله تعالى وبادرت إلى قضاء ما عليها سيعينها سبحانه، ولتعلم أن تضييع أوامر الله وتعدي حدوده مجلبة لسخطه ومدعاة لعقوبته، والمسلم يبتعد عما يكون سببا لغضب ربه تعالى عليه.
وأما أنت فعليك أن تديم تذكيرها بالله تعالى، وألا تقطع ذلك التذكير، حتى تمتثل وتستجيب، فإنك قوام عليها ومسؤول عن طاعتها لربها تعالى، فهذا أحد أهم معالم قوامة الرجل على المرأة كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6} وقال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ {النساء:34}
قال السعدي رحمه الله: "يخبر تعالى أن الرِّجَال { قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك" انتهى
فإن لم تستجب للوعظ ولم ينفع فيها التذكير فاسلك معها الوسائل الأخرى من وسائل تقويم الزوجة كالهجر في المضجع والضرب غير المبرح، فقد قال بمشروعية ذلك كثير من أهل العلم، وإن كان بين العلماء خلاف في جواز ضرب الزوجة لحقوق الله تعالى، وقد أوضحناه في الفتوى رقم 58461.
فإن بذلت ما تقدر عليه في محاولة تقويمها فلم تستجب، وما نظنها إلا ستستجيب إن شاء الله، فلا يكون عليك إثم بعد هذا لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى.
والله أعلم.