الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتفصيل ما ذكرته من المسائل مما يطول، ولكننا نرشدك إلى مراجعة أحد كتب المناسك المختصرة السهلة الأسلوب كمنسك العلامة ابن باز أو منسك الشيخ العثيمين رحمهما الله تعالى ففي مراجعة مثل هذه المناسك خير كثير، واعلم أن العلماء مختلفون في أي أنواع النسك أفضل، فرأى الشافعية والمالكية أن الإفراد أفضل، وذهب الحنفية إلى أن القران أفضل، ورجح الحنابلة أن التمتع أفضل، واتفق جميعهم على جواز كل من هذه الأنساك، ولعل قول الحنابلة أرجح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه أمر أصحابه بأن يحلوا من حجتهم ويجعلوها عمرة، وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة.
وقال لسراقة بن مالك بن جعشم حين سأله عمرتنا هذه لعامنا هذا أو للأبد؟ قال صلى الله عليه وسلم: بل لأبد أبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة. وكل هذا ثابت في الصحيح، وطريقة ذلك أن تحرم بعمرة في أشهر الحج، ثم تتحلل من عمرتك ثم تحرم بالحج يوم التروية وتذبح هديا لتمتعك بالعمرة إلى الحج.
وأما مواطن الدعاء في الحج فهي كثيرة، والحاج في جميع أوقاته على رجاء إجابة دعائه فإنه متلبس بعمل صالح من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ولكن من آكد المواطن التي يشتغل فيها الحاج بالدعاء يوم عرفة.
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير . رواه أحمد والترمذي ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وكذا الدعاء أثناء الطواف.
قال في مغني المحتاج: ( وليدع بما شاء ) في جميع طوافه فهو سنة مأثورا كان أو غيره وإن كان المأثور أفضل. انتهى.
والمأثور منه هو أن يقول بين الركنين اليمانيين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وكذا يستحب الدعاء إذا رقى على الصفا فيقول ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الطويل عند مسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ثم يدعو بعد ذلك يفعل ذلك ثلاث مرات وكذا يفعل عند المروة.
قال في حاشية الروض: ولمسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه، حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله، ويدعو بما شاء، ولأنه موضع ترجى فيه الإجابة. انتهى.
ويستحب الدعاء كذلك على المروة فيفعل على الصفا، ويستحب الدعاء بينهما وكذلك يستحب في مزدلفة قبل الإفاضة منها إلى منى، وكذا يستحب الوقوف بعد رمي الجمرة الأولى والثانية للدعاء في أيام التشريق لثبوت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم، وبالجملة فكل مواطن الحج مما يستحب فيه الإكثار من الدعاء.
والله أعلم.