الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما كون النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين فنعم فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. وعلل ابن عباس ذلك بقوله: أراد ألا يحرج أمته. فدل على أن جمعه كان لإزالة حرج، وليس في فعل الصلاة في وقتها حرج.
قال الشيخ العثيمين: ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) وهذا يدل على أن الحكمة من مشروعية الجمع إزالة المشقة عن المسلمين وإلا فإنه لا يجوز الجمع. انتهى.
وقد كثر كلام العلماء في هذا الحديث، ومنهم من حمله على الجمع الصوري، يعني أنه صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها فكان جامعا صورة لا حقيقة وكذا فعل في المغرب والعشاء، وهذا القول هو الذي انتصر له الشوكاني وأطال في تقريره، والحاصل أن الجمع لغير عذر أصلا لا يجوز بل هو من الكبائر. وراجعي الفتويين: 57831، 53951
وأما جواز الجمع لك فنرجو إن شاء الله ألا يكون عليك حرج فيه، وقد جوز الحنابلة للمريض الذي يشق عليه أن يصلي الصلاة في وقتها أن يجمع بين الصلاتين ومال النووي لترجيح هذا القول، والحامل في معنى المريض، ولذلك يرخص لها في الفطر في رمضان كما هو معلوم، فإذا شق عليك التفريق بين الصلاتين بحيث تفعلين كل صلاة في وقتها، فنرجو أن يكون لك سعة في الجمع بين المغرب والعشاء.
قال ابن قدامة في المغني وهو يتكلم عن حديث ابن عباس المتقدم: ويجوز أن يتناول من عليه مشقة كالمرضع والشيخ الضعيف وأشباههما ممن عليه مشقة في ترك الجمع. انتهى.
والله أعلم.