الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاستيعاب الرجلين بالغسل إلى الكعبين بما في ذلك العقبان واجب قطعا للأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على ذلك، فمن ترك من ذلك موضعا لم يغسله فإنه لم يتوضأ الوضوء المجزئ.
قال النووي: ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جماعة توضأوا وبقيت أعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال: ويل للاعقاب من النار. رواه البخاري ومسلم من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص. ورويا نحوه من رواية أبي هريرة وفي هذا تصريح بأن استيعاب الرجلين بالغسل واجب. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدميه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فأحسن وضوءك. رواه مسلم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا وذكر الحديث إلى أن قال ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم. هذا حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة، وهذا من أحسن الأدلة في المسألة. انتهى.
وعليه فإن هذا الرجل صلى بوضوء غير صحيح، والواجب عليه عند جمهور أهل العلم إعادة جميع ما صلاه من الصلوات على هذا الوجه فإن ذمته لم تبرأ منها ودين الله أحق أن يقضى، وذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن القضاء لا يلزم في هذه الحال فإن من ترك شرطا أو ركنا من شروط الصلاة وأركانها جاهلا لم يلزمه القضاء، وقد بينا هذا الخلاف في فتاوى كثيرة وراجع منها الفتوى رقم: 109981، ورقم: 125226، وقول الجمهور أحوط وأبرأ للذمة، ولبيان كيفية قضاء تلك الصلوات انظر الفتوى رقم: 70806.
والله أعلم.