الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسائل الخصومات وقضايا المنازعات لا يمكن حلها عن طريق السؤال والجواب عن بعد، بل لا بد من عرضها على المحاكم الشرعية إن وجدت وإلا فمشافهة أولي العلم والرأي بها للنظر فيها وسماع حجج الخصوم وإعطاء كل ذي حق حقه، لكن نقول إجمالاً إنه لا حرج فيما يتفق عليه بين الجميع من أنواع القسمة ولو تنازل البعض للبعض عن حقه أو بعضه فلا حرج عليه، وقد بينا أنواع القسمة في الفتوى رقم: 51921، والفتوى رقم: 66593.
وإذا لم يتم التراضي بين الجميع على بيع ذلك العقار أو قسمته قسمة ترضي الجميع وطالب بعضهم بحقه فيلزم إجابته إليه وقسمة العقار إن لم يكن فيه ضرر، فإن كان في قسمته ضرر لم تجب القسمة لكن يباع العقار ويقسم ثمنه، جاء في الروض المربع: لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر ولو على بعض الشركاء أو لا تنقسم إلا برد عوض من أحدهما على الآخر إلا برضا الشركاء كلهم، لحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وغيره، وذلك كالدور الصغار.. والأرض التي لا تتعدل بأجزاء ولا قيمة... ولا يجبر من امتنع منهما من قسمتهما لأنها معاوضة، ولما فيها من الضرر.. انتهى مختصراً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما لا يمكن قسم عينه إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه بيع وقسم ثمنه وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية الميموني وذكره الأكثرون من الأصحاب... انتهى. وجاء في الروض المربع: .... ومن دعا شريكه فيها إلى بيع، أجبر، فإن أبى باعه الحاكم عليهما، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما.. والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص القيمة بالقسمة. انتهى.
ويتلخص من ذلك وجوب إجابة من طلب القسمة إن لم يكن فيها ضرر، فإن كان فيها ضرر ورضي الجميع بقسمة ما فلا حرج، وإلا بيع العقار وقسم ثمنه، وإن كان المتبادر من السؤال هو إمكانية قسمة العقار بلا ضرر، ولذا يلزم إجابة من أراد حقه في ذلك العقار.. وننبهك إلى أن بعض العلماء ذكروا أن الصلح هو الذي يتعين أن يفض به نزاع ذوي الأرحام، ولذا قال ابن عاصم وهو مالكي:
والصلح يستدعي له إن أشكلا * حكم وإن تعين الحق فلا
ما لم يخف بنافذ الأحكام فتنة * أو شحنا أولي الأرحام
والله أعلم.