الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاءت الشريعة بتكريم المرأة وصيانتها، ومن ذلك أن الله سبحانه قد أمر الرجل بمعاشرة زوجته بالمعروف فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء:19}. قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.
وقال أبو السعود في تفسيره: وعاشروهن بالمعروف. خطاب للذين يسيئون العشرة معهن، والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في المقال ونحو ذلك. انتهى.
وقال الألوسي في روح المعاني: (وعاشروهن) أي خالقوهن (بالمعروف) وهو ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في القسم والنفقة، والإجمال في القول والفعل، وقيل: المعروف أن لا يضربها ولا يسيء الكلام معها ويكون منبسط الوجه لها، وقيل: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. انتهى.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي. وقال: حديث حسن صحيح، وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيراً.
من هنا يتبين أن ما يفعله زوجك من إيذائك بما ذكرت يخالف ما أمرت به الشريعة المطهرة، وفعله هذا معصية ظاهرة بل عده بعض العلماء من كبائر الذنوب كما في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر..
واعلمي أن الشرع لم يرض للمرأة بإهانة زوجها لها بل أباح لها طلب الطلاق إن هي تضررت من زوجها بإيذاء ونحوه.
وفي ذلك يقول الدردير رحمه الله في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت المعلون، كما يقع كثيراً من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى.
واعلمي أن للزوجة حقوقاً على زوجها وقد بينا حقوق الزوجة مفصلة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 65518، 39298، 60909.
أما عن مالك الخاص فنقول: قد كفلت الشريعة للمرأة الحرة الرشيدة حرية التصرف في مالها فيما أباحه الله وأحله، ولو من غير إذن زوجها، في قول جمهور أهل العلم، ولا يجب عليها أن تخبره أين تنفقه، ولا أن تستأذن منه في ذلك لأن ذلك محض حقها، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 42518، أن راتب الزوجة حق خالص لها وأن لها الحق أن تنفقه كما تشاء في الأمور المباحة ولا يحق لزوجها منعها من ذلك أو الاعتراض فيه، بل وسبق أن ذكرنا أنه ليس من حق الزوج معرفة قدر الراتب الذي تتقاضاه زوجته، وبينا في الفتوى رقم: 110596 أن تهديد المرأة بالطلاق يتنافى مع العشرة الحسنة التي أمر الله بها، وبينا في الفتوى رقم: 65668، والفتوى رقم: 80062 أن من حق الزوجة على زوجها أن يراعيها في أمور الفراش وأن يقدم بين يدي المعاشرة من الملاعبة ونحوها مما يهيئها للقاء فتنال من اللذة مثلما ينال.
والله أعلم.