الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أن القنوات الساقطة قد سبقت القنوات الإسلامية في الوجود، ولا يخفى أيضا أن أعدادها وتمويلها يفوق القنوات الإسلامية بمئات المرات. ومعنى هذا أن إيجاد القنوات الإسلامية وإنشاءها لن يزيد المفاسد الحاصلة من القنوات الفاسدة، بل العكس هو الصحيح قطعا، حيث إن وجود مثل هذه القنوات النافعة ومنافسته للقنوات الفاسدة هو بمثابة البديل المباح والنافع لهذا الوباء الإعلامي المستطير. ولهذا كان لابد من العمل الإيجابي ومواجهة الباطل بمثل سلاحه، وإيجاد البديل المقنع، جنبا إلى جنب مع الدعوة والبيان والتحذير من شر القنوات الفاسدة، وإلا فإننا لم نستفرغ الوسع في النصح، ولم نتماش مع ما تمليه قواعد الشريعة ومقاصدها، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 3127 فراجعها للأهمية.
وقد قدمنا أيضا بعض الضوابط التي يحكم من خلالها في مثل هذه المسائل، ومنها أن مبنى الشريعة الإسلامية على جلب المصالح ودرء المفاسد، فعند تزاحم المصالح أو المفاسد يغتفر تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، كما تغتفر ارتكاب أدنى المفسدتين لاجتناب أعلاهما، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 132017.
وأخيرا ننبه على أن ما يستعمل في الحلال وفي الحرام دون فرق، أن الأصل جواز بيعه وإجارته. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7307.
هذا .. ولا يخفى أنه إن أمكن جعل تردد القنوات النافعة لا يشترك مع غيره من القنوات الضارة، فهذا أمر متحتم وضروري؛ سدا للذرائع، ووأدا للفتنة، وقطعا لتسويل شياطين الإنس والجن.
والله أعلم.