الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تخلو هذه المقبرة القديمة من أحد حالين، فإما أن تكون قد درست بحيث لم يبق للموتى أثر فحينئذ يجوز الانتفاع بها في أي وجه من الوجوه على الراجح، وإما أن تكون جثث الموتى باقية لم تبل فحينئذ لا يجوز الانتفاع بهذه المقابر بالبناء عليها ولا جعلها حديثة ولا غير ذلك لأنها مستحقة لهؤلاء الموتى وموقوفه عليهم، وانظر لتفصيل القول فيما ذكرناه ملخصاً في الفتوى رقم: 121218. وما أحيل عليه فيها.
وبناء عليه، فإن كانت هذه الأرض مما يجوز الانتفاع بها لاندراس القبور وكون الموتى لم يبق لهم أي أثر فلا حرج من استغلالها في أي وجه مباح، ولو كانت موقوفه ورأى الحاكم المصلحة في ذلك بالشرط الذي قدمنا. وأما إن كانت مما لا يجوز الانتفاع بها فالواجب مناصحة المسؤولين، وأن يبين لهم وجوب إزالة ما هو قائم على هذه القبور من الحدائق ونحوها لأنها مستحقة للموتى، وأن بقاء هذه الأشياء مما لا يجوز شرعاً فضلاً عن إحداث أبنية جديدة فيه من التعدي على حرمة الموتى وانتهاكها ما لا يخفى، ولتتخيروا الأسلوب الأمثل في النصيحة والتذكير، ولتتحروا الرفق ما أمكن، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.
والله أعلم.