الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام. رواه أبو داود والترمذي وحسنه وأحمد، وصححه الألباني والمناوي.
قال المناوي في (فيض القدير): أي شربه، أي إذا كان فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه لقلته جدا .. قال المازري: أجمعوا على أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال، وعلى أنه إذا اشتد وقذف بالزبد حرم قليله وكثيره، ثم لو تخلل بنفسه حل إجماعا، فوقع النظر في تبدل هذه الأحكام عند هذه المتجددات، فأشعر ذلك بارتباط بعضها ببعض، ودل على أن علة التحريم الإسكار، فاقتضى أن كل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناول قليله وكثيره. اهـ.
وقال الخطابي في (معالم السنن ): الفرق مكيلة تسع ستة عشر رطلا، وفي هذا أبين البيان أن الحرمة شاملة لجميع أجزاء الشراب المسكر. اهـ.
وفي (مرقاة المفاتيح): قال الطيبي: الفرق وملء الكف عبارتان عن التكثير والتقليل لا التحديد. اهـ.
وبهذا يتضح أن المعتبر هو وجود قوة الإسكار ولو في كمية كبيرة لا يمكن للإنسان أن يشربها دفعة واحدة، كالفرق المذكور في الحديث. ولا يخفى أن الناس يتفاوتون في تأثرهم بالمسكرات، وهذه الفروق أيضا غير معتبرة، بمعنى أن ما يسكر بعض الناس يحرم على غيرهم وإن لم يسكروا، لأن قوة الإسكار قد ثبتت فيه بإسكار غيرهم وهذا هو مناط التحريم.
والله أعلم.