الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن يتوجه اهتمام المسلمين أينما كانوا إلى تعلم السنة النبوية والتمسك بها، والحذر كل الحذر من مخالفتها، فقد قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ {النور:63}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي والألباني. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17309.
وهذا يشمل كل أنواع البدع المذمومة حتى ولو كان صاحبها لا يريد بها إلا خيراً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 95594.
ومن المعروف أنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين أن يوظفوا من يقرأ القرآن جهراً قبل صلاة الجمعة ولا غيرها من الصلوات، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: وضع جهاز راديو أو نحوه لإذاعة القرآن بصوت مرتفع في المسجد يوم الجمعة قبل مجيء الإمام لا يجوز. انتهى. وراجع للمزيد من التفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53293، 11511، 121530.
فما بالنا مع غير القرآن مما يسمى بالأناشيد الدينية، والأدهى والأمر أن يكون في هذه الأناشيد ما يصادم أحكام الشريعة، وخاصة قضايا التوحيد وإخلاص الدين لله رب العالمين، كقصيدة البردة، فإنها تشتمل على غلو واضح في شخص النبي عليه الصلاة والسلام، وإطراء له بما يمنحه بعض خصائص الربوبية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله. رواه البخاري. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5211.
وأما الذكر المذكور في السؤال فإنه وإن كان محموداً في ذاته، إلا إن طريقته ليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام، ويزداد الأمر سوءاً إذا كان ذكراً جماعياً بصوت واحد، وقد سبق لنا بيان أن الاجتماع على الذكر في وقت محدد، وتحديد كل نوع بعدد معين، وترديده خلف رجل واحد ونحو ذلك، من البدع المخالفة للهدي النبوي والتي لم تكن على عهد السلف الصالح، بل جاء عن بعضهم النهي عنه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58906، 127701، 32825، 1000، 8381.
والله أعلم.