الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولا إلى أن نفقة الأخت لا تجب على أخيها إلا بشروط منها أن تكون فقيرة عاجزة عن التكسب، وأن يكون أخوها غنياً وأن يكون وارثاً لها، ولو اختل شرط من ذلك لم تجب نفقتها عليه، ومن العلماء من يقول بعدم وجوب نفقة الأخ على أخته أصلاً وأنه لا تجب على الإنسان نفقة أحد من أقاربه إلا نفقة الأصول -كالأبوين- والفروع- كالأولاد- وهذا هو مذهب الإمام مالك.
وأما ما سألت عنه من شأن الأرض التي سجلتها الأم باسمك على سبيل الهبة وتم ذلك منها في حال صحتها ورشدها، وقد حزت الأرض قبل وفاتها. فهي لك وحدك دون سائر الورثة إلا أن الأم آثمة بذلك لكونه تفضيلا لبعض أبنائها على بعض مالم يكن لمسوغ معتبر كخدمتك لها وبرك بها، وعدم اتصاف باقي إخوانك بذلك. وانظري الفتوى رقم: 124116.
وعلى كل فما وهبته الأم في حال حياتها وصحتها ورشدها لأحد أبنائها أوبناتها وتم حوزه في حال حياتها فإنه يلزم بموتها على الراجح وليس للورثة الرجوع فيه. قال الرحيباني في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى: ( فإن مات ) معط ( قبله ) أي : التعديل ( وليست ) العطية ( بمرض موته ) المخوف ( ثبتت العطية لآخذ ) فلا يملك بقية الورثة الرجوع , نص عليه في رواية محمد بن الحكم والميموني ; لخبر الصديق, وتقدم, وكما لو كان الآخذ أجنبيا; لأنها عطية لذي رحم ; فلزمت بالموت كما لو انفرد.
وأما النقود التي في البنك باسمك فلم تبيني لنا شأنها وهل هي للأم وقد عهدت إليك بحفظها والإنفاق منها. فتكون تركة تضم إلى ما تركته الأم وتوزع على جميع ورثتها كل حسب نصيبه المقدر له شرعا وليس لك الانفراد بها والاستحواذ عليها.
أم أن تلك النقود مشتركة بينك وبين أمك لكونها هي ما ورثتماه عن أبيك وزوجها، وحينئذ فما كان للأم منها فيكون تركة كما ذكرنا وما كان لك فهو خاص بك. إلا إذا كان جميع ما تركه الأب من نقود هو ذلك الذي وضعته في حسابك ولم تشركي باقي الورثة فيه وإنما استحوذت عليه أنت وأمك وأختك، وحينئذ فلا بد من قسمته القسمة الشرعية لإعطاء كل وارث من ورثة الأب حقه، ونصيب الأم يضم إلى تركتها ويقسم على ورثتها.
ومهما يكن من أمر فإن مسائل النزاع والخصومات لا بد من رفعها إلى المحاكم الشرعية للبت فيها وسماع دعاوى الخصوم وبيناتهم لإعطاء كل ذي حقه ولا يمكن الاكتفاء فيها بجواب أعد طبقا لسؤال أرسل عن بعد.
والله أعلم.