الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلماء مختلفون في وقت دعاء الاستخارة، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المصلي إن شاء دعا قبل السلام وإن شاء دعا بعده ورأى أن الدعاء قبل السلام أفضل، جاء في حاشية الروض: قال الشيخ: يجوز الدعاء في صلاة الاستخارة وغيرها قبل السلام وبعده والدعاء قبل السلام أفضل، لأنه قبل السلام لم ينصرف، وهو أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
ولكن الجمهور على أن الدعاء بعد السلام أفضل، وإن كان لو دعا قبل السلام أجزأه ذلك، قال الحافظ في الفتح في الكلام على حديث الاستخارة وقوله ثم ليقل: هو ظاهر في تأخير الدعاء عن الصلاة فلو دعا به في اثناء الصلاة احتمل الإجزاء ويحتمل الترتيب على تقديم الشروع في الصلاة قبل الدعاء، فإن موطن الدعاء في الصلاة السجود أو التشهد، وقال بن أبي جمرة: الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء ان المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا انتهى
وكون الدعاء بعد السلام هو ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله فقد قال ما لفظه: والدعاء يكون بعد السلام كما دل عليه قوله (فليصل ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل) وهذا صريح في الترتيب أن الدعاء يكون بعد صلاة الركعتين وأما الدعاء في غير الاستخارة فالأفضل لمن أراد أن يدعو الله عز وجل بشيء أن يدعوه قبل أن يسلم انتهى
وبه تعلم أن الدعاء في الاستخارة بعد السلام أفضل وأنه لو دعا قبل السلام جاز، وأما الجمع بين قول الدعاء قبل السلام وبعده فلم نر من صرح باستحبابه من أهل العلم، فالأولى الاقتصار على ما دل عليه ظاهر الحديث.
والله أعلم.