الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان المناسب أن يذكر السائل الكريم لفظ يمينه، ولو بدون ذكر ما حلف عليه من الأمر المحرم، لأن لفظ اليمين قد يختلف معه الحكم من ناحية تكرار الكفارة.
وعلى أية حال ، فمثل هذه اليمين المذكورة يمين منعقدة يلزم الوفاء بها، وتجب الكفارة عند الحنث فيها. وإذا حنث مرة فقد انحلت يمينه، ولا يلزمه إعادة الكفارة بتكرار الحنث.
قال الزركشي في (المنثور): متى وجد الحنث مرة انحلت اليمين ولا تعاد مرة ثانية. اهـ.
وقال القرافي في (الفروق): الفرق بين قاعدة مخالفة النهي إذا تكررت يتكرر التأثيم، وبين قاعدة مخالفة اليمين إذا تكررت لا تتكرر بتكررها الكفارة، والجميع مخالفة، بل تنحل اليمين بالمخالفة الأولى ويسقط حكم اليمين، بخلاف النهي فإنه يبقى مستمرا وإن خولف ألف مرة ويتكرر الإثم بتكرره. اهـ.
وعدم تكرار الكفارة هو الأصل، إلا إذا كان اليمين يقتضي التكرار بلفظه أو نية صاحبه أو بالعرف.
قال خليل في مختصره: تكررت إن قصد تكرر الحنث، أو كان العرف: كعدم ترك الوتر، أو نوى كفارات، أو قال لا ولا، أو حلف أن لا يحنث أو بالقرآن والمصحف والكتاب أو دل لفظه بجمع، أو بكلما أو مهما .. اهـ.
وقال ابن الحاجب في (جامع الأمهات): لا يتكرر الحنث بتكرر الفعل ما لم يكن لفظ يدل عليه مثل (كلما) و(مهما) .. أو قصد إليه، أو كان المقصد العرفي. اهـ.
ونقل المواق في (التاج والإكليل) عن ابن عرفة: حنث اليمين يسقطها ولذا لا يتعدد ما يوجب الحنث بتكرر موجبه إلا بلفظ أو نية أو عرف ... وعبارة ابن شاس: الحنث لا يتكرر بتكرر الفعل إلا إذا أتى بصيغة تقتضي التكرار كقوله: "كلما" أو يقصد التكرار. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 10595.
والخلاصة أن السائل تنحل يمينه بحنثه فيه وتجب عليه الكفارة، ولا يجب عليه تكرار الكفارة إلا إذا كان لفظ يمينه يقتضي التكرار، أو نوى بيمينه تكرر الكفارة بتكرر فعل المحلوف على تركه.
والله أعلم.