الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اللفظ الصريح في الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع به الطلاق ولو لم ينوه الشخص، فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة. وعليه فإذا كان الحال على ما ذكرته من أن زوجك قد طلقك ثلاث مرات بلفظ صريح فإنك تكونين قد بنت منه بينونة كبرى، فلا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره، قال الله تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}، وقال تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230}.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع الطلاق البدعي، وعلى مذهب هؤلاء فإن الطلقتين اللتين ذكرت أن إحداهما كانت في فترة النفاس والأخرى كانت في الحيض لا تقعان، ولكن القول الأول هو الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الأرجح، وبالتالي فهو الذي يجب العمل به.
وفي خصوص ما سألت عنه من أمر الأخذ برأي دار الإفتاء، فلعل ما أفتوا به هو عدم وقوع الطلاق البدعي، وأما الطلاق الصريح فلا نعلم خلافاً في أنه لا يفتقر إلى نية، قال ابن قدامة في المغني: صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد ولا خلاف في ذلك.
وإذا كان الحال على ما ذكرنا فإنه كان في إمكانك وإمكان زوجك الأخذ بفتواهم، لأن المستفتي يجوز له الأخذ بفتوى المفتي إذا كان يثق بعلمه وورعه، أما الآن وقد سألت مستفتياً آخر فإن أهل العلم قد اختلفوا في حال المستفتي إذا اختلفت عليه فتاوى المفتين هل يتخير منها أم يلزمه أن يعمل بما يترجح عنده منها بزيادة علم أو ورع في المفتي ونحو ذلك، والذي نفتي به في هذا هو أن عليه أن يعمل بنوع من الترجيح بيناه في الفتوى رقم: 5583، والفتوى رقم: 5592.
والله أعلم.