الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسؤال المسلم الدعاء من أخيه المسلم مشروع، ففي صحيح مسلم عن صفوان بن عبد الله بن صفوان وكان زوجًا للدرداء قال: قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزله، فلم أجده ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم. قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل. قال: فخرجت إلى السوق، فلقيت أبا الدرداء فقال لي مثل ذلك يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روى أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن لي، وقال: لا تنسنا يا أخي من دعائك. فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
فكل مسلم لم يتلبس بمانع من موانع الإجابة كأكل الحرام فدعاؤه مستجاب وليس ذلك خاصا بالأطفال. ولكن صور الإجابة متنوعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في التمهيد: فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة. انتهى. وقال ابن حجر في الفتح: كل داع يستجاب له لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه. انتهى.
وعليه، فإذا كان من تطلبين الدعاء منهم ليسوا متلبسين ببعض موانع الإجابة فإن أدعيتهم جميعا مستجابة، ولكن لا يستطاع على وجه الخصوص معرفة أيهم عُجلت دعوته، وأيهم ادُّخرت دعوته للآخرة، وأيهم صُرف من السوء بدعوته مثلها. فتلك أمور غيبية لا سبيل إلى معرفتها.
والله أعلم.