الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشركة الكائنة بينكما تسمى شركة أبدان وأموال، حيث إن كل واحد منكما يسعى في عمل معين وما يكسب منه تقتسمانه، وهذه شركة أبدان وتتحملان مصاريف الشركة بينكما من أجرة المحل وغيرها وتلك شركة أموال، فاجتمع البدن والمال .
قال الخرقي:( وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال أو مالان وبدن صاحب أحدهما أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز.)
وبناء عليه فلا حرج في تلك الشركة، ولو عمل أحدكما دون صاحبه فإن ذلك لا يسقط نصيب من لم يعمل.
جاء في درر الحكام: لأن عقد الشركة لا يرتفع بمجرد الامتناع عن العمل ويبقى الاستحقاق للربح موجودا ما دام عقد الشركة باقيا. انتهى.
وقال في بدائع الصنائع: وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالرِّبْحُ تَارَةً يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ وَتَارَةً بِالْعَمَلِ وَتَارَةً بِالضَّمَانِ على ما بَيَّنَّا وَسَوَاءٌ عَمِلَا جميعا أو عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ على الشرط.
وفي تحفة الفقهاء للسمرقندي: ويستوي أن تكون الشركة في نوع عمل، فيعملان ذلك أو يعمل أحدهما عملا والآخر غير ذلك، أو لم يعمل بعد أن ضمنا جميعا العملين جميعا، لأن الإنسان قد يعمل بنفسه وأجيره. فإن عمل أحدهما دون الآخر، والشركة عنان أو مفاوضة، فالأجر بينهما إن شرطا العمل عليهما والتزما ذلك، فيكون أحدهما معينا للآخر. اهـ
وأنت لم تفسخ الشركة مع صاحبك، وقد قاسمته فيما كسبته كما ذكرت، وعليه أن يوفي بشرط الشركة ومضمون العقد بينكما، فيقاسمك ما يكسبه مما تحصل عليه، إلا إذا كنتما قد فسختما الشركة وانفصل كل منكما عن صاحبه فلا حرج في ذلك، والأصل في فسخ عقد الشركة الجواز، لكن لو ترتب عليه ضرر فإنه يمتنع فسخها على الراجح دون إذن جميع الشركاء على الراجح كما بينا في الفتوى رقم :113549.
وأما أجرة المحل وما لم يشاركك فيه صاحبك مما اتفقتما على المشاركة في دفعه وأنكما تتحملانه معا، وقد دفعته وحدك عن صاحبك بنية الرجوع عليه به متى أيسر، فلك الرجوع به عليه ومطالبته به. وأما بعد فسخ الشركة وطرده لك من المحل فأجرته عليه لكونه هو من ينتفع به.
ومهما يكن من أمر فينبغي التفاهم بينك وبين صاحبك على أمر الشركة وتوسيط بعض من له وجاهة لحل المشكلة، فإذا لم يفد ذلك شيئا، فالفيصل في قضايا المنازعات هو المحاكم الشرعية .
والله أعلم.