الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكل دعاء صحيح من حيث المعنى فلا بأس بالدعاء به، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع الله عز وجل. رواه البخاري والنسائي واللفظ له. ومع ذلك فلا ريب أن الأفضل للمرء حين يدعو أن يلتمس أدعية القرآن والسنة ويكتفي بهما، ففيها الخير والبركة والكفاية.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها ـ: يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. رواه أحمد وأبو داود. وصححه الألباني.
وبالنسبة لخصوص الدعاء المذكور فأكثر جمله صحيحة، ولكن فيه بعض العبارات المحظورة، لما فيها من تسمية الله تعالى أو وصفه بغير ما ثبت في الكتاب والسنة، كعبارة: (لا إله إلا الله العدل اليقين) وعبارة: (يا عماد السماوات الأرض) وعبارة: (وأنت المنيع فلا تُرام). فليس اليقين، ولا عماد السموات والأرض، ولا المنيع، من أسماء الله تعالى وصفاته.
وفيه كذلك عبارات محل نظر، كعبارة: (يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة) فهذا قد ذكره بعض أهل العلم في بيان الفرق بين الرحمن والرحيم بحسب المتعلق، فهو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة؛ لأن رحمته في الدنيا تعم المؤمن والكافر، وفي الآخرة تخص المؤمن، كما ذكر الحافظ ابن حجر في (فتح الباري). ولكن الصحيح أن الله تعالى هو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك، قل يا معاذ: اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. قال المنذري: رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد. اهـ. وحسنه الألباني.
ثم ننبه في الختام على خطأ كتابي في قوله: "أقبل عثرتي" فصوابه: أقل عثرتي.
والله أعلم.