الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء فيمن علق الطلاق على شرط فوقع الشرط، كمثل قول القائل إن فعلت كذا فأنت طالق. فذهب جمهور أهل العلم إلى وقوع الطلاق إن وقع الشرط. وهو فعل المنهي عنه مهما كان قصد الحالف، ويستمر هذا الحكم أبدا ما لم يكن الحالف قد وقته بوقت معين ولو في نيته، أو كان الحلف لسبب فزال السبب.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق إذا كان الحالف لا يقصد إيقاعه، وإنما قصده الزجر أو المنع أو الحث وهو كاره للطلاق قال: ولا يلزمه حينئذ إلا كفارة يمين عند الحنث.
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 5684، فعليك بمراجعتها. والراجح هو رأي الجمهور، وبناء على ذلك فلو فعلت زوجتك المحلوف عليه وقع عليها الطلاق.
لكن يبقى النظر في تحديد الشيء المحلوف عليه، فإن كنت تقصد خصوص عمل الشاي فإنه لا تحنث إلا بعمله، وإن كنت تقصد عموم إكرامها فإن الحنث يحصل بكل ما يحصل به الإكرام؛ لأن النية في اليمين تعمم الخاص. جاء في المغني: مسألة: قال أبو القاسم رحمه الله تعالى ويرجع في الأيمان إلى النية وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه ومنها أن يريد بالخاص العام مثل أن يحلف لا شربت لفلان الماء من العطش ينوي قطع كل ما له فيه منة أو لا يأوي مع امرأته في دار يريد جفاءها بترك اجتماعها معه في جميع الدور أو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها يريد قطع منتها به فيتعلق يمينه بالانتفاع به أو بثمنه مما لها فيه منة عليه. أنتهى
فإن لم تنو شيئا حينئذ يرجع إلى ما حملك على اليمين وهيجك عليها فتتعلق اليمين به.
قال الدردير في الشرح الكبير: ثم إن عدمت النية أو لم تضبط خصص اليمين وقيد بالبساط وهو السبب الحامل على اليمين إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه فإنه لا يحنث لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال. انتهى
ويبقى التنبيه فيما لو فعلت زوجتك المحلوف عليه ناسية اليمين، وقد اختلف العلماء في هذه الحالة، والراجح من أقوالهم عدم الحنث، ففي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الحالف إن فعل المحلوف عليه ناسيا فلا حنث إذا كانت اليمين بغير الطلاق والعتاق .اهـ
والله أعلم.