الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل الكريم يقصد قول الله تعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {النحل : 93}
وفي معنى الآية يقول أهل التفسير: وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ، أُمَّةً وَاحِدَةً متفقة على الحق، وعَلَى دِينٍ وَاحِدٍ وهو الإسلام، وَأَزَالَ مَا بَيْنَكُمْ مِنِ اخْتِلاَفٍ ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ بخذلانه عدلاً منه، لأن تصرف المالك في ملكه يسمى عدلا لا جورا. وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ بتوفيقه تفضلاً منه وتكرما، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ثُمَّ يَسْأَلُهمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْ جَمِيعِ أَعْمَالِهمْ ، فَيُجَازِيهم عَلَيْهَا الجَزَاءَ الأَوْفَى.
وبهذا تعلم أن لله المشيئة المطلقة في خلقه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ولكن مشيئته- سبحانه وتعالى- لا تنفي مشيئة المكلفين من خلقه كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 129808، فلا يصح للإنسان أن يحتج على ضلاله بمشيئة الله تعالى وسابق علمه في خلقه، وقد بين الله له طريق الخير وطريق الشر، ومنحه المشيئة والقدرة الكاملة على اختيار أيهما شاء. انظر تفصيل ذلك وأدلته العقلية والنقلية في الفتوى رقم: 2887.
والله أعلم.