الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الاسترسال مع الوساوس وعدم الإعراض عنها هو سبب ما تعانين منه، ولا علاج لذلك كله إلا أن تعرضي عن الوساوس فلا تلتفتي إلى شيء منها، وليس الجهر بالقراءة حلا لمشكلتك وإن كان الجهر بالقراءة في غير موضع الجهر مما لا تبطل به الصلاة، وقد رخص فيه بعض العلماء لأجل دفع الوسواس، قال الشيخ ابن باز: ولا حرج في رفع صوتك بالقراءة حتى تسمعي نفسك وتحاربي الوسوسة بذلك في الصلاة السرية.
انتهى.
ولكن الحل الأمثل لمشكلتك هو أن تقرإي بصورة طبيعية غير ملتفتة لشيء من هذا الوسواس، وكلما قال لك الشيطان إنك لم تخرجي الحرف الفلاني من مخرجه فقولي له بلسان حالك: بلى قد أخرجته من مخرجه، فإذا فعلت ذلك وقرأت بصورة عادية بلا تكلف ولا التفات للوسوسة ذهب عنك ذلك ـ بإذن الله ـ وانظري الفتاوى التالية أرقامها للأهمية: 135271، 133553، 51601.
واعلمي أن الجمهور قد اشترطوا أن يسمع القارئ نفسه لتصح قراءته وتكون معتدا بها، وخالف في ذلك المالكية ووافقهم شيخ الإسلام ابن تيمية وكذا الشيخ العثيمين ـ رحمهم الله ـ فلم يشترطوا إسماع النفس وقالوا إن الإجزاء يحصل بإخراج الحروف من مخارجها وتحريك اللسان والشفتين وإن لم يسمع نفسه، وما دمت مصابة بالوسوسة فلا حرج عليك في الأخذ بهذا القول، فحركي لسانك وشفتيك بالقراءة وإن لم يحصل لك إسماع النفس، ثم أعرضي عما يأتيك من الوسواس في أنك لم تنطقي بالحرف على وجهه أو أنك لم تخرجيه من مخرجه حتى يعافيك الله تعالى، واجتهدي في محاربة هذه الوساوس ومدافعتها مستعينة على ذلك بالله تعالى، نسأل الله لك ولجميع المبتلين بهذا الداء العافية.
والله أعلم.