الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة للشق الأول من السؤال، إذا كانت السائلة تعتقد حرمة التعامل في البورصة المصرية، لعدم إمكانية اجتناب المخالفات الشرعية، فيجب عليها الكف عن ذلك وسحب أموالها فورا، وإن كان سعر هذه الوثائق يوم بيعها مساويا أو أقل من رأس المال الأصلي، فلا حرج في الانتفاع به كله، بغض النظر عن تقلب الأسعار قبل ذلك، وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 3099 ورقم: 8440.
وأما الشق الثاني من السؤال: فمبنى جوابه على حصول الشك أو اليقين في أصل هذا المال، فإن كان لا يعدو الشك، فيبقى الحكم على الأصل وهو حل مال المسلم، وراجعي في ذلك الفتاويين رقم: 39445، ورقم: 57974.
وأما إن حصل يقين بحرمة المال كله، فإنه لا يجوز للوارث الانتفاع به حينئذ، ويجب عليه إنفاقه في أوجه البر وأبواب الخير والمنافع العامة وراجعي ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 35958، 9712 ، 103861.
وأما إن كانت الحرمة محصورة في نسبة معينة من المال الموروث، فيجب ذلك في هذه النسبة فقط، وينتفع الوارث بباقي المال.
فإن كان العلم حاصلا بحرمة نسبة من المال يجهل قدرها، اجتهد الوارث في تقدير ذلك وعمل باجتهاده، قال النووي في المجموع: من ورث مالا ولم يعلم من أين كسبه مورثه؟ أمن حلال أم حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد.هـ.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 69744، فإن خفي الأمر تماما ولم يمكن الاجتهاد في تقدير ذلك، فلا بأس أن بجعل المال نصفين، فيورث نصفه ويخرج نصفه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين. هـ. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 9616.
ثم ننبه على أنه لا يصح أن تجعل الخسارة التي حصلت بالبيع في مقابل الجزء الواجب إخراجه لتطهير المال، بل هذا يجب إخراجه من جملة المال بحسب نسبته. فمثلا: لو كان قدر الحرام يساوي الثلث، فبعد البيع يجب إخراج ثلث المبلغ الحاصل بالكامل.
الله أعلم.