الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا المال مال معصوم، ويجب على هذا الشاب رده إلى مكان دفنه إن كان مكانه محرزا، وإلا فيجب حفظه كأمانة لصاحبته التي دفنته والسعي لرده إليها، وهو ضامن لهذا المال ـ على أية حال ـ إذا ضاع أو تلف، وليس لهذا المال حكم اللقطة ما دام محرزا في مكان يحفظه، أو عرف مالكه، قال ابن نجيم في البحر الرائق: لم يذكر أكثر الشارحين تعريفها اصطلاحا ـ يعني اللقطة ـ وعرفها في التتارخانية معزيا إلى المضمرات بأنها: مال يوجد ولا يعرف له مالك وليس بمباح. هـ.
فخرج ما عرف مالكه، فإنه أمانة لا لقطة، ولأن حكمها التعريف، وهذا لا يعرف، بل يدفع إلى مالكه، لكن يرد عليه ما كان محرزا بمكان أو حافظ فإنه ليس لقطة، وهو داخل في التعريف، فالأولى أن يقال: هي مال معصوم معرض للضياع.
وعرفها في المحيط: بأنها رفع شيء ضائع للحفظ على الغير لا للتمليك.
وجعل عدم الحافظ لها من شرائطها.
ثم قال في آخر الباب: أخذ الثوب من السكران الواقع النائم على الأرض ليحفظه فهلك في يده: لا ضمان عليه، لأنه متاع ضائع كاللقطة، فإن كان الثوب تحت رأسه أو كانت دراهمه في كمه فأخذها ليحفظها فهو ضامن لأنه ليس بضائع، لأنه محفوظ بمالكه. هـ.
وقال ابن الحاجب في جامع الأمهات: اللقطة: كل مال معصوم معرض للضياع في عامر أو غامر، فلا تلتقط الإبل في الصحراء.
والالتقاط حرام على من يعلم خيانة نفسه، ومكروه للخائف، وفي المأمون الاستحباب والكراهة. هـ.
وقال الغزالي في الوسيط ي بيان ما يلتقط: هو كل مال معرض للضياع وجد في عامر من الأرض أو غامرها. هـ.
والمقصود هو بيان أن هذا الشاب قد أساء وتعدى بأخذ هذه الحقيبة، وأن دفن هذا المال لا يزول به ملك مالكه عنه، فهو مال معصوم، ولا يمكن التصرف أو التجارة به على أية حال.
وأما إن كانت هناك قرائن يغلب بها على الظن أن هذا المال مسروق أو مغصوب، فعلى آخذه دفعه لقاض شرعي أو حاكم عادل، لينظر في حقيقة أمره ويتبين حاله.
والله أعلم.