الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله الشفاء لجميع المبتلين، ثم ليعلم أن صلاة الجمعة فرض على كل مسلم ذكر حر مكلف، إلا من عذر، ويجب عليه أن يسعى إلى الجمعة حيث ينادى بها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. { الجمعة: 9 }.
وليس مجرد كون الشخص انطوائيا عذرا يبيح له التخلف عن الجمعة فالأصل ـ إذن ـ وجوب شهود الجمعة في حق هذا الشخص المذكور، لكن لو بلغ منه المرض النفسي مبلغا يتأذى معه بشهود الجمعة ويتضرر بذلك ويشق عليه حضورها مشقة بالغة، فإنه يرخص له في ترك شهود الجمعة في هذه الحال، لأنه داخل في عموم المرضى الذين يعذرون بترك الجمعة فعن طارق بن شهاب ـ رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض. أخرجه أبو داود.
ولكن عليه أن يأخذ بأسباب العلاج ما استطاع السبيل إلى ذلك، وأن يجاهد نفسه قدر استطاعته للتخلص من هذا المرض، ولتراجع الفتوى رقم: 95351.
وأما غير الجمعة من الصلوات: فالأمر فيها أخف، فإنه لو صلى جماعة في بيته مع بعض أهله كان آتيا بالواجب عليه عند جمهور الموجبين للجماعة كما في الفتوى رقم: 128394، ولكن نصيحتنا لهذا المريض أن لا يستسلم لمرضه ذاك، وأن يستعين بالله تعالى ويجتهد في محاولة التعافي منه، فإن استسلامه لهذا المرض يحرمه من خير عظيم، ويفوت عليه الأجر المترتب على شهود الجماعات في المساجد وحضور حلق العلم ومجالس الذكر ومخالطة الناس فيما ينفع.
والله أعلم.