الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكل ثوب ساتر للعورة مباح فإن الصلاة تصح فيه للإمام والمأموم والمنفرد على السواء، ولا يشترط في الثوب الملبوس في الصلاة سوى أن يكون مباحا وساترا للعورة، ومن ثم فلا ينبغي التشديد في هذه المسألة وإلزام الإمام بثياب معينة، وإن كان المستحب للمصلي عموما وللإمام خصوصا أن يكون في أكمل الهيئات وأن يرتدي من أفضل ثيابه امتثالا لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. {الأعراف:31}.
والإمام أولى بذلك من المأمومين لأنه محل القدوة وهو المنظور إليه، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا.
جاء في فتاوى الشيخ عبد الله بن عقيل: وكذلك يذكرون تخمير المصلي رأسه بالعمامة -وما في معناها- من المستحبات. وممن نص على استحبابه المجد في «شرحه» ثم قال: ونحن لاستحباب الثوبين والعمامة لإمام أشد. نص عليه؛ لأنه المنظور إليه، والمقتدى به. أما باب الإجزاء، فيذكر الفقهاء أن من صلى في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه؛ واستدلوا بحديث عمر بن أبي سلمة المتقدم، وما في معناه من الأحاديث. بل ذكر الفقهاء أن انكشاف جزء يسير من العورة إذا لم يفحش في النظر إليه، لا يبطل صلاة الإمام والمأمومين. انتهى.
ثم الأولى موافقة الناس في عوائدهم التي لا تخالف الشرع كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 137447، والإمامة في الصلاة من مناصب أهل العلم والدين، واختصاص أهل العلم بثياب يعرفون بها هو من الأمر القديم.
قال الفقيه ابن حجر رحمه الله: اتخاذ شعار العلماء لمن هو منهم وتوقفت معرفة كونه منهم على ذلك سنة مؤكدة، لأنا مأمورون بنشر العلم وهداية الضالين وإرشاد المسترشدين فإذا توقف ذلك على شعارهم تعين لبسه بذلك القصد الحسن، وكذا يقال في لبس الطيلسان والثياب الواسعة الأكمام إذا عرفت من شعارهم وتوقفت الهداية والامتثال للأوامر عليها. انتهى.
وبه يتبين لك أن اختصاص الأئمة بثياب معينة مما لا حرج فيه، وتنبغي مراعاته لمن اتصف بذلك إذا كان من عوائد الناس، وإن كان ذلك ليس مما يجب بل الصلاة صحيحة مع ستر العورة بالثياب المباحة كما تقدم، والصلاة في الثوب الضيق الذي يصف حجم الخلقة صحيحة لمشقة الاحتراز، وإن كان الأولى مراعاة أن يكون ثوب المصلي واسعا لا يصف حجم الخلقة؛ لأن بعض العلماء قد نص على كراهة الصلاة في الثوب الضيق. وانظر لبيان حكم الصلاة في البنطلون الفتوى رقم: 4186.
والله أعلم.